من هم السلفيون
السلفيون هم الذين يمثلوا إحدى التيارات الإسلامية العقائدية الخاصة بالمدارس الفكرية السنية التي تستهدف إصلاح أنظمة الحكم والمجتمع والحياة بالتوافق من النظام الشرعي الإسلامي .
وقاعدتهم الأولى هي العودة إلى الكتاب والسنة في العقيدة والعبادة والأخلاق وجميع أنظمة الحياة، وبالتالي فهم يتبعون الصحابة والتابعون وتابعوهم وهذا هو مفهوم وتعريف ومعنى السلف الذي سموا أنفسهم به .
وقد جعل الله عز وجل منهج الصحابة هو المقياس والميزان فقال تعالى } فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{ - (137) البقرة .
وهذا ما يقودنا إلى القول بأن السلفية ليست من تأسيس بشر، فهي فليست كغيرها من المذاهب والتيارات الإسلامية المؤسسة من قبل أحد العلماء أوالمفكرين، إنما هى الإسلام نفسه كتابا وسنة كما أنزله الله عزوجل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
ومع هذا نجد أن هناك أعلاما للسلفية عملوا على إبراز هذا المصطلح وشجعوا على العمل به كأحمد بن حنبل وابن تيمية وابن القيم الجوزية ومحمد بن عبد الوهاب . إن الشغل الشاغل للسلفيين هو تعبيد الناس لله رب العالمين وتطبيق الدين الإسلامي كما جاء في بداياته فتاريخ المسلمين في التقدم العلمي والعملي خير شاهد على ذلك .
ولكن ما زالت هناك بعض الشبهات حول السلفيين قد تحد من شعبيتهم بين الناس رغم أن ازدياد شعبيتهم أو نقصانها ليس بالأمر المهم كثيرا عندهم بقدر اهتمامهم بإعلاء كلمة الله في الأرض من خلال تطبيق الشريعة الإسلامية الحقة .
ولو تناولنا تلك الشبهات التي تمحورت حول السلفين فنجدهم تارة يمنعون بعض الممارسات المتعلقة بالقبور، مثل إقامة الأبنية والمساجد والأضرحة عليها، أو الطواف حولها، أو التوجه بالطلب والدعاء للموتى في قبورهم، أو النذر والذبح عندها، أو زيارتها في الأعياد، أو إقامة الموالد عندها.
وتارة يتحدثون السلفيون عن عدم مشروعية التوسل إلى الله بذوات الأنبياء والصالحين، لأنها - بحسب معتقدهم- عبادة غير مشروعة لم ترد بها نصوص صحيحة، وإن كانوا يقرون بأنها مسألة خلافية لا يجوز الغلو في الإنكار على فاعلها، أو تكفيره . أما ما ينكرونه بشدة هو التوجه إلى قبور الأنبياء الصالحين وطلب قضاء الحاجات منهم، فهذا أمر مخالف لمقتضيات التوحيد وإخلاص العبادة لله عز وجل .
وتارة أخرى نجد السلفيين ينكرون الإحتفال بالمولد النبوي وينهون عن إقامته فهو أمر مبتدع غير مشروع من وجهة نظرهم .
من جهة أخرى فإن ما يؤخذ على السلفيين تطبيقهم لسياسة العنف والتزمت حتى أن البعض قد يراها بأنها محاولات بربرية همجية لتطبيق الشريعة الإسلامية .
أما المستفيد الأكبر من ظهور السلفيين هم الإخوان المسلمون، فالأخير قد وضع المجتمع المحلي والغربي أمام خيارين، إما الإخوان المتأنقين أو السلفيين الملتحين والهمجيين .
وأضافة إلى شراسة السلفيين في تطبيق الشريعة الإسلامية في أغلب الاحيان نجد أن هناك نقطة أخرى لا تصب في صالح السلفين، وهي أن السلفية رغم قدم تاريخها فإنها ما زالت حديثة عهد بالعمل السياسي المستقل، ولا تزال مشروعا سياسيا في طور النشوء لم يكتمل بعد، بخلاف حركة الإخوان التي عمرها ثمانون عاما تقريبا، ولم يعرف العرب والعالم نظاما سلفيا حتى يحكموا عليه سوى النظام السعودي، ولهذا السبب نلاحظ أن مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية متهمة بسلفيي العالم، مع أنها قد تكون أول المتضررين منه وآخر المستفيدين، كما حدث وألصقت بها شبهة تنظيم القاعدة منذ البداية.
وفي كل الأحوال لا يمكننا القول أن لا وجود للسلفيين فهم موجودون ولهم الحق في ذلك طالما أنهم ينادون بإعلاء كلمة الله تعالى في الأرض، إلى جانب تشجيعهم على التقدم في جميع مناحي الحياة، ولكن تبقى مسألة التزمت في تطبيق الشريعة الإسلامية هي مصدر القلق للمجتمع ككل .