شاعت في الآونة الأخيرة "ظاهرة عقوق الإباء للأبناء، وتنطوي هذه الظاهرة على سلب إحدى أو كافة حقوق الابن، او حرمانه من القيام بواجب معين، أو فرض عليهم عقوبة معين دون اي سبب أو ما يعرف بالحرمان التعسفي، وهذا يتعارض مع ما تدعو إليه قيم ديننا الحنيف السامي الذي يحرم انتهاك حقوق الإفراد حتى لو كانوا أبنائنا وإنما شرع لنا أساليب تحث على ديمومة العلاقة بين الإباء والأبناء مبنية على الود والتراحم. وقد تناولت السنة النبوية الشريفة والقرأن الكريم وسيرة الصحابة والصالحين عن عقوبة عقوق الوالدين فماذا عن عقوق الأبناء ؟ وكيف يمكن أن يتعامل الأبناء مع آباء وأمهات لا يخشون الله في أبنائهم ويرتكبون في حقوقهم أموراً قد تستوجب غضب الله عز وجل؟ يتناول الدين الإسلامي في هذا الصدد حلول متباينة لهذه المشكلة، حيث تتعدد جوانب هذا النوع من العقوق كممارسة التميز والتفريق في المعاملة بين الأبناء، حيث يظهر الإباء الحب لبعض الأبناء في حين يهمش البعض الأخر، وهذا النوع من التميز يورث الشحناء لدى الأبناء، ما يعتبر حرمان الأبناء من ما هى اسباب العيش الرغد عندما يكون لدى الأب المال الكافي ولكنه يبخل او ينفقه على المحرمات، وكذلك الحال عندما يسيء الأهل تسمية الأبناء باحسن وأفضل الأسماء وانتقاء الأسماء التي لا ترضي الله او عدم اختيار ألام الصالحة التي تربي أبناءها على مخافة الله عز وجل.
ومن السلوكيات التي توجب غضب الأبناء وكرههم لإبائهم : كالضرب المبرح والتعذيب دون أي ذنب، أو فرض على الأبناء عقوبات وحرمانهم من الطعام او تشريدهم او طردهم من المنزل او دعوة الأبناء للطرق ووسائل الشر والرذيلة التي لا ترضي الله عز وجل. ومن مظاهر عقوق الإباء لأبناهم الاستبداد وفرض الرأي على الأبناء، كإلزام فتاة بالزواج من شاب لا يخاف الله مجرد ان لديه مال وفير ومنفعة، أو أن يفرض الأب على ابنه دخول تخصص معين في الجامعة او إلزامه بعمل معين او مهنة معينة لا يرغب بها، وقد تنطوي هذا النوع من العقوق على جوانب نفسية كأن يكره الأب ابنه لأنّه يشبه خاله أو عمه، أو تكره إلام ابنتها لأنّها تشبه عمتها، فهنالك العديد من الآباء والأمهات من من يمارسون أسلوب قمع ودكتاتوري بفرض سياسة معينة، كفرض عليهم حب شخصية معينة أو مجتمع معين أو عائلة معينة أو غيرها من السياسات الرادعة.
وفي المحصلة، فإنّ الدين الإسلامي جاء بترغيب ليس بترهيب وفرض قيود معينة، وأمر أن تكون العلاقة بين الإباء والأبناء وطيدة ذات ركائز سامية تبنى على الإقناع و ماسك والحب والمودة.