تعرف على ما هى الذنوب التي لا تغفر
هناك ذنوب لا يغفرها الله سبحانه وتعالى لصاحبها إن لم يتب منها توبةً نصوحاً قبل الموت، ومنها: (1)
- الشّرك الأكبر: قال سبحانهو تعالى:" إِنَّ ?للَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء "، النساء/48، وقال سبحانه وتعالى:" إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِ?للَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ?للَّهُ عَلَيهِ ?لْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ?لنَّارُ وَمَا لِلظَّـ?لِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ "، المائدة/72، وقال صلّى الله عليه وسلّم:" من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنّة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النّار "، رواه مسلم في الإيمان، وقال القرطبي رحمه الله:" إنّ من مات على الشّرك لا يدخل الجنّة، ولا يناله من الله رحمة، ويخلد في النّار أبد الآباد، من غير انقطاع عذاب، ولا تصرم آماد "، وقد نقل كلّ من ابن حزم، والقرطبي، والنّووي الإجماع على أنّ المشرك يخلد في النّار.
- الشّرك الأصغر: وهناك قولان في ذلك، القول الأوّل أنّه تحت المشيئة، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية، كما يظهر ميل الإمام ابن القيم إليه في الجواب الكافي، وأمّا القول الثّاني فإنّه تحت الوعيد، وهو الذي مال إليه بعض أهل العلم والفقهاء.
- حقوق النّاس ومظالمهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنّه ليس ثمّ دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه "، رواه البخاري في الرقاق، وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" إنّ المفلس من أمّتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل ما لهذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثمّ طُرح في النّار "، رواه مسلم في البر والصلة والآداب، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" وحقّ غير الله يحتاج إلى إيصالها لمستحقها، وإلا لم يحصل الخلاص من ضرر ذلك الذّنب، لكن من لم يقدر على الإيصال بعد بذله الوسع في ذلك فعفو الله مأمول، فإنّه يضمن التبعات، ويبدّل السّيئات حسنات ".
- القتل، وذلك لأنّ القتل حقّ يتعلق به ثلاثة حقوق، وهي: حقّ الله سبحانه وتعالى، وحقّ الولي والوارث، وحقّ المقتول، فأمّا حقّ الله سبحانه وتعالى يزول بالتوبة، وأمّا الوارث فإنّه مخيّر بين ثلاثة أشياء: إمّا القصاص، وإمّا العفو إلى غير عوض، وإمّا العفو إلى مال، وبالتالي يبقى حقّ المقتول، فعن جندب رضي الله عنه قال: حدّثني فلان أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" يجيء المقتول بقاتله يوم القيامة، فيقول:
سل هذا فيم قتلني؟ فيقول: قتلته على ملك فلان، قال جندب: فاتَّقِها "، رواه النسائي في تحريم الدم، قال ابن القيم رحمه الله:" فالصّواب والله أعلم أن يقال: إذا تاب القاتل من حقّ الله، وسلم نفسه طوعاً إلى الوارث، ليستوفي منه حقّ موروثه: سقط عنه الحقّان، وبقي حقّ الموروث لا يضيّعه الله. ويجعل من تمام مغفرته للقاتل: تعويض المقتول، لأنّ مصيبته لم تنجبر بقتل قاتله، والتّوبة النّصوح تهدم ما قبلها، فيعوض هذا عن مظلمته، ولا يعاقب هذا لكمال توبته، وصار هذا كالكافر المحارب لله ولرسوله إذا قتل مسلماً في الصّف، ثمّ أسلم وحسن إسلامه؛ فإنّ الله سبحانه يعوّض هذا الشّهيد المقتول، ويغفر للكافر بإسلامه، ولا يؤاخذه بقتل المسلم ظلماً، فإنّ هدم التوبة لما قبلها كهدم الإسلام لما قبله، وعلى هذا إذا سلّم نفسه وانقاد، فعفا عنه الوليّ، وتاب القاتل توبةً نصوحاً، فالله تعالى يقبل توبته، ويعوّض المقتول ".
مغفرة الذنوب
يقول الله سبحانه وتعالى:" وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى "، طـه/82، ويقول سبحانه وتعالى:" وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ "، الرعد/6، فإنّ الله سبحانه وتعالى يغفر الذنوب جميعاً إذا شاء، سواءّ أكانت زنا أو ما سواها من الكبائر التي هي دون الشّرك، وإنّ مغفرة الله سبحانه وتعالى للذنوب، والتجاوز عنها يتحقّق على القول الصّحيح من خلال التّوبة منها، لأنّ من يتوب من ذنبه تاب الله عليه، والتّائب من الذّنب يكون كمن لا ذنب له.
وأمّا في حال مات صاحب الكبائر وهو لم يتب منها بعج، فإنّه يرجع إلى مشيئة الله سبحانه وتعالى، إن أراد عذّبه وإن أراد غفر له، هذا في جميع الذّنوب ما عدا الشّرك، فإنّ من مات مشركاً بالله سبحانه وتعالى، فإنّه يكون مخلداً في النّار، وذلك باتفاق علماء المسلمين.
وفي الصّحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثمّ مات على ذلك إلا دخل الجنّة. قلت: وإن زنا وإن سرق؟ قال: وإن زنا وإن سرق. قلت: وإن زنا وإن سرق؟ قال: وإن زنا وإن سرق... ثلاثاً، ثم قال في الرّابعة: على رغم أنف أبي ذر، فخرج أبو ذر يجرّ إزاره وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر ". (2)
طريقة الاستغفار الصحيحة
يعتبر الاستغفار من أجلّ الطاعات واحسن وأفضل القربات، وكيفما يستغفر العبد ربّه فإنّه يكون هو على خير، مثل أن يقول: استغفر الله، أو يقول: ربّ اغفر لي، أو ما الي ذلك، وأمّا سيّد الاستغفار فهو أن يقول الإنسان:" اللهم أنت ربّي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنّه لا يغفر الذّنوب إلا أنت "، وذلك كما ثبت في الصّحيح عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - ولا يوجد وقت محدّد للاستغفار، ولا قدر محدّد، ولا عدد معيّن من المرّات، بل أنّه مهما أكثر الإنسان من الاستغفار كان ذلك خيراً له، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول:" والله إنّي لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرّة "، رواه البخاري، وعن الأغرّ بن يسار المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" يا أيها النّاس توبوا إلى الله واستغفروه، فإنّي أتوب في اليوم مائة مرة "، رواه مسلم.
ولا يضرّ المسلم أن يستغفر بنيّة قضاء أمر معيّن ممّا يحبّه ويريده العبد، فقد قال الله تعالى فيما أخبر به عن نوح عليه السّلام:" فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا "، نوح/10-11. (3)
المراجع
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 3944/ حقوق العباد لا يغفرها الله إلا أن يتنازل عنها صاحب الحق/11-8-1999/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(2) بتصرّف عن فتوى رقم 16907/ التوبة النصوح تمحو أثر كل الذنوب/27-5-2002/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(3) بتصرّف عن فتوى رقم 150653/ طريقة الاستغفار وأوقات الإجابة/3-3-2011/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net