بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن إهتدى بهداه. أما بعد،
إن للطهارة أهمية وفائدة كبيرة، فهي الوسيلة لرفع الحَدَث، وتطهير البدن من النجاسات، وهي من دوافع الفطرة التي فطر الله البشر عليها، فالإنسان بفطرته يسعى دوماً إلى التطهر، والطهارة من الحدثين هي شرطٌ أساسي من شروط الصلاة، فلا تصح الصلاة إلا بها. كما أن الطهارة هي من علامات و دلائل المؤمنين الذين يحبهم الله، فالله يحب التوابين، ويحب المتطهرين.
الطهارة هي مصدر مشتق من الجذر اللغوي (طهر)، وهي نقيض النجاسة، وتعني النظافة والتنزه عن الحَدَث والأوساخ والأدناس والنجاسات، وهذه الطهارة المادية أو الحسية، وأما الطهارة المعنوية، فتأتي بمعنى التنزه عن الشرك، والمعاصي والذنوب، والشح والبخل.
مما سبق يتبين معنا أن للطهارة قسمان أساسيان وهما:
فالطهارة المادية أو الحسية تنقسم إلى قسمين وهما: طهارة الحدث، وطهارة الخبث. فطهارة الحدث هي الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، فالحدث الأكبر هو الحدث الذي يُوجب الغسل، ومن أسبابه الجنابة. أما الحدث الأصغر فهو الحدث الذي يوجب الوضوء أو التيمم إن تغذر الوضوء، وهو الذي يكون بسبب البول والغائط والريح وغير ذلك، وطهارة الحدث هي شرط أساسي لصحة الصلاة في حال القدرة عليها، فإصابة المسلم بالحدث الأكبر أو الأصغر هي أحد الموانع من صحة الصلاة. أما عن القسم الآخر من الطهارة المادية، وهو طهارة الخبث، فالخبث هو النجاسات والأوساخ التي قد تكون على البدن أو الثوب، أو في المكان. وطهارة الخبث واجبة على المسلم. ويسمي البعض من العلماء طهارة الحدث بالطهارة الحُكْمِيَّة، وطهارة الخبث بالطهارة الحقيقية.
أما الطهارة المعنوية فهي الطهارة من الشرك، والمعاصي والذنوب، والشح والبخل، وقد وصف الله تبارك وتعالى المشركين في كتابه الكريم بأنهم نَجَس، حيث قال: {إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]. والوسائل التي تحقق هذا النوع من الطهارة هي توحيد الله عز وجل توحيا خالصًا لا تشوبه شائبة، وتجنب إرتكاب المعاصي والذنوب، ولوزم الإستغفار والتوبة من هذه الذنوب، كما أن الصدقة والزكاة هي من الوسائل التي تحقق الطهارة المعنوية، فالزكاة في أصل اللغة هي التطهير، فالزكاة تعمل على تطهير نفوس الأغنياء من الشح والبخل، كما أنها تطهر نفوس الفقراء من العداوة والبغضاء تجاه الأغنياء.
وفي الختام، نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يزيدنا علا، إنه سميع مجيب الدعاء، والحمد لله رب العالمين.