من أعظم الأصول في هذا الدين العظيم ، هو ركن الصلاة ، ونقول بأنّها ركن وهذا المعنى يترتّب عليه أمور كثيرة ، فمعناه أنّه لا يصحّ الاسلام إلاّ به ، وهوَ من الأمور التي هي أساس الدين وركنه المتين ، وهي من الأفعال التي أوّل ما يُسأل العبد عنها يوم القيامة ، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلّم : (( إنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ بِهِ العبدُ يومَ القيامةِ من عملِهِ صلاتُهُ ، فإن صلُحَتْ فقد أفلحَ وأنجحَ ، وإن فسدَت فقد خابَ وخسرَ ، وإن انتقَصَ من فريضتِهِ ، قالَ اللَّهُ تعالى انظُروا لِعَبدي من تطوُّعٍ يُكَمَّلَ به ما انتَقصَ منَ الفريضةِ ، ثمَّ يَكونُ سائرُ عملِهِ عَلى ذلِكَ )) ، لذا فلا يصحّ بحال من الأحوال أن تُترك هذه الشعيرة العظيمة وهذا الركن الأصيل ، وهي العبادة الوحيدة التي فُرِضت في السماء ، حيث فرَضها الله عزّ وجلّ علي نبيّه صلّى الله عليه وسلّم في حادثة الإسراء والمعراج.
ومن ترَك الصلاة عامداً متعمّداً جاحداً لوجوبها فقد كفَرَ بإجماع العلماء ، لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ((بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) ، ولقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )).
ولأنَّ هذا الركن العظيم تترتّب عليه من الأحكام في الدنيا والآخرة ما لا تترتّب على غيره ، كان لِزاماً علينا أن نحضّ الآخرين عليه ، ونحضّ أهلنا وأولادنا حتّى ولو كانوا صِغارا ، لأنهم كما يقولون : وينشأُ ناشئُ الفتيانِ فينا على ما كانَ علّمهُ أبوهُ ، فمن هنا كانت التربية في تعليم الأولاد الصلاة.
وحتّى تَضمن أن تجعل ابنك أو ابنتك يصلّون عليك أن تلتزم بها أولاً ، وعلى والدتهم أن تلتزم بها ، فإنّ الأطفال وحتّى الكبار ، لا يتأثرون بالكلام قدَرَ تأثّرهم بواقع الحال ، فلسان الحال أبلغ وأعظم رسالةً من لسان المقال.
وينبغي لكَ لجعل ابنك يصلّي ، أن تبدأ معه في سنّ مبكرة ، حتى لو لم يكن يفقه شيئاً ، فإنّه ستترسّخ عنده حركات الصلاة ، وأوقات الصلاة ، وينظر إليك وأنت تصلّي ، ويحاول أن يُحاكيك في خشوعك وسمتك واتّزانك أثناء العبادة.
كما ينبغي لكَ أن تصحبَهُ معَكَ إلى المسجد ، كلّما سنَحت لك الفرصة بذلك وأن تعلّمه قبل الذهاب إلى المسجد أن يلتزم الهدوء والأدب ، وعندها سيتعلّم من حركات المصلّين وطريقة انتظامهم في الصفوف والتزامهم خلف الإمام ، وهذا يعلّمه كيف أنّ للصلاة إمام يجب على المصلّين الإلتزام به ، ومنه يتعلّم النظام أيضاً.