يعتبر الأطفال فلذات أكباد أهلهم، فهم بضعة من أبويهم كما عبّر النّبي عليه الصّلاة والسّلام عن ذلك بقوله عن السّيدة فاطمة رضي الله عنها أنّها بضعة منه وكذلك قوله عن سبطيه الحسن والحسين رضي الله عنهما، وإنّ الارتباط الفطري والقلبي بين الأبوين وأبنائهم وما ينتج عنها من مشاعر الخوف والشّفقة على الأولاد ومشاعر الحبّ والفرحة اتجاهم لتتجلّى في مواقف كثيرة في الحياة، فعندما يمرض الطفل ترى أبويه يسهران من أجله الليالي مشفقين عليه، وعندما ينجح الولد في دراسته ويتفوّق ترى والديه فرحين تملىء قلوبهم الغبطة والسّرور.
وإنّ أمنية الوالدين على الدّوام أن يكون أبناؤهم قرّة أعين لهم في الدّنيا، قال تعالى: "والذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذريّاتنا قرة أعين, واجعلنا للمتقين إماماً"، ولا تتحقّق هذه الحالة من اطمئنان النّفس وراحتها ورضاها إلا عندما يكون الأولاد صالحين يعرفون حقّ الله تعالى عليهم بالعبادة والاستقامة على منهج الله تعالى، وكذلك عندما يكونوا بارّين بآبائهم يحسنون معاملتهم ويصبرون على ذلك.
من بين الأمور التي يسعى الوالدين لتربية أطفالهم عليها الصّلاة، فالصّلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي صلة العبد بربّه، والحصن الحصين والحرز المكين، وهي حبل الله تعالى المتين، وسبيل النّجاة، وإنّ أهميّة تربية الأطفال على الصّلاة تنبع من أهميّة هذا الركن بداية، ومن جوانب الأهميّة كذلك نذكر الآتي:
- الصّلاة تعوّد الأطفال على التزام منهج الله تعالى ومعرفته جلّ وعلا، فحين يقف الطفل وينصب قدميه الصّغيرتين على سجادة الصّلاة وينوي أن يصلّي ما كتب الله له، تتشكّل أولى مراحل بناء العقيدة لديه إذ يبدأ الطّفل التفكير في خالقه سبحانه وعظمة الوقوف بين يديه، وحينما يرى الطّفل من حوله يصلّون خاشعين صامتين إلاّ من ترديد آيات الله تعالى يدرك أهميّة تلك الصّلاة وكيف يحرص النّاس على إقامتها على أتمّ وجهها، وهذا كلّه يربّي جانبًا إيمانيًّا في الطّفل لا يدركه حقيقةً إلاّ عندما يكبر ويبلغ الحلم، وحينئذ يتلمّس آثار الصّلاة الرّوحيّة بين الخالق وعبده.
- الصّلاة بالنسبة للطّفل تعلّمه ترتيب أولوياته في الحياة، فهناك أوقات للصّلاة التي لا ينبغي الانشغال عنها، وهناك أوقات لمذاكرة الدّروس والتعّلم، وهناك أوقات للهو واللعب، لذلك ترى كثيراً من الأطفال ممّن تربّوا على الصّلاة وهم صغار يدركون أهميّة تنظيم أوقاتهم فتراهم يقولون في أنفسهم بعد الصّلاة سوف أعمل كذا وكذا، وكل هذا يدلّ على آثار الصّلاة النّفسيّة والتّربويّة الكبيرة التي تنغرس في نفوس الأطفال مبكراً وتتجذّر في المراحل اللاحقة من عمرهم.