خالد بن الوليد
خالد بن الوليد هو أحد أشهر القادة في العصر الإسلاميّ، بالإضافة لهذا فهو أحد أبرز الصحابة الكرام، وقد ولد في مدينةِ مكّة عام خمسمئةٍ واثنين وتسعين للميلاد، وتمّ إرساله إلى الصحراء كتعرف على ما هى عادة العرب في ذلك الوقت في إرسال أبنائهم للبادية لينشؤوا نشأةً صحيحة ويتعلموا اللغة العربيّة الفصيحة، وبقي هناك حتى بلغ الخامسة من عمره، ويُقال بقي حتى السادسة.
أصيب خالدٌ بالجدري في طفولته، وقد تركت إصابته تلك بعض الندوب على خده الأيسر، تعلّم الفروسية منذ صغره وأبدى مهارةً ونبوغاً قلّ نظيرهما في وقتٍ مبكر، اشتهر خالد بقوّته المفرطة والشجاعة والإقدامِ والجلَد، بالإضافة لخفّة حركته ومهارته العالية في الكرِّ والفر، وبفضل هذا استطاع هذا القائد إثبات وجوده في شتى ميادين القتال التي أظهر فيها براعةً عالية في القتال، مما جعله من احسن وأفضل فرسان ذلك العصر.
تميّز خالد بطول قامته وعظم هامته وجسمه، تميل بشرته إلى اللون الأبيض، يشبه إلى حدٍ كبير عمر بن الخطّاب.
خالد بن الوليد قبل الإسلام
لم يُعرف الكثير عن خالد بن الوليد قبل إسلامه، فبعد هجرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنوّرة دارت في تلك الفترة العديد من المعارك بين قريشٍ والمسلمين.
في أوّل غزوة دارت بين الفريقين وهي غزوة بدر وقع شقيق خالد (الوليد) أسيراً في أيدي المسلمين، توجّه بعدها خالد مع شقيقه هشام إلى يثرب لافتداء الوليد، وبعد فترةٍ قصيرة من فدائه، أعلن الوليد إسلامه وقفل عائداً إلى يثرب.
كانت غزوة أُحد هي الموقعة الأولى التي شارك فيها خالد بن الوليد هذا الصراع بين الطرفين، وكان قائداً لميمنة الجيش القرشي، لعب ابن الوليد دوراً حيويّاً في تلك المعركة لصالح قريش، فقد استطاع بفطنته تحويل دفة المعركة، بعد استغلاله لخطأ الرماة المسلمين الذين تركوا جبل الرماة في سعيهم لجمع الغنائم، في تلك اللحظة التفّ خالد على الفور حول جبل الرماة منتهزاً هذا الخطأ، وهاجم مع فرسانه مؤخّرة جيش المسلمين، محوّلاً في فعلته هذه نصر المسلمين الذي حققوه في بداية المعركة إلى خسارةٍ كبيرة، ليجعل النصر في تلك اللحظة لقريش.
خالد بن الوليد بعد الإسلام
في السنة السابعة للهجرة وأثناء تأدية المسلمين لعمرة القضاء وفقاً للاتفاق المبرم في صلح الحديبية، أرسل النبي محمداً إلى شقيق خالد (الوليد بن الوليد) ليسأله عن شقيقه خالد، أرسل بعدها الوليد برسالةٍ إلى خالد يدعوه فيها إلى الإسلام، وافقت هذه الدعوة هوى خالد، فعرضها على صفوان بن أميّة وعكرمة بن أبي جهل طالباً منهما الانضمام إليه في سفره إلى يثرب لإعلان إسلامه، لكنهما رفضا ذلك الأمر، فعرضها على عثمان بن طلحةَ العبدري الذي وافقه وانضمّ إليه في رحلته تلك، وهما في طريقهما التقيا بعمرو بن العاص الذي كان يسير إلى يثرب للأمر ذاته، وبعد وصولهم أعلن ثلاثتهم إسلامهم في الثامن من صفر فور دخولهم إلى يثرب.
شهد خالد بعد إعلان إسلامه جميع معارك المسلمين وغزواتهم في عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وعهود الخلفاء الراشدين، وقد لقّبه النبي بسيف الله المسلول لبأسه الشديد وجسارته في ساحات المعارك التي خاضها.
ذاع صيت خالد وشجاعته وانتصاراته المتتالية أرجاء البلاد، وتغنّى الشعراء بتلك الأفعال، فأغدق عليهم خالد من ماله ومنهم الأشعث بن قيس الذي وهبه خالد عشرة آلاف درهم، بلغ هذا الأمر الخليفة عمر بن الخطاب، فأرسل من فوره رسالة إلى أبي عبيدة آمراً إيّاه باستقدام خالد مقيّداً بعمامته، وسؤاله عن المال الذي وهبه إن كان من مال المسلمين فهو خيانة، وإن كان من ماله الخاص فهو نوعٌ من الإسراف، وفي كلا الأمرين حكم على خالد بالعزل من قيادة جيش المسلمين، وأمر بالتوجّه من فوره إلى المدينة.
توجه خالدٌ إلى المدينة للقاء عمر الذي أصرّ على قراره بعزل خالد، وأدى هذا الأمر لكثرة اللغط عن السبب الحقيقي لعزل خالدٍ في الأمصار، وكان قرار العزل هذا هو نهاية مسيرة خالد الحافلة بالبطولات والانتصارات.
وفاة خالد بن الوليد
أجمع المؤرّخون على أن وفاة خالد بن الوليد قد كانت في عام ستمئةٍ واثنين وأربعين للميلاد، لكنهم اختلفوا جميعاً في تحديد مكان وفاته، فمنهم من قال إنّه قد توفي في مدينة حمص وآخرةن قالوا إنّه توفي في المدينة المنوّرة، ويوجد جامعٌ كبير في مدينة حمص يُعتقد بأنه يضم في داخله قبر خالد.
وقد روي عن خالد الذي قد مات على فراشه، أنه كان يردد قبل أن توافيه المنيّة: "لقد شهدت مئةَ زحفٍ أو زهاءها، وما في بدني موضع شبرٍ إلا وفيه ضربةٌ بسيفٍ أو رميةٌ بسهمٍ أو طعنةٌ برمح، وها أنا ذا أموتُ على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعينُ الجبناء".