الحملات البحرية
كان البحر بالنسبة للمسلمين عالماً غامضاً؛ فلم يحاولوا خوضه بل كانوا يلجؤون إلى قطع المسافات الطويلة لفتح البلاد ونشر الدين الإسلامي مع أنّ بعض المناطق كان الطريق البحري أقصر بالنسبة لها، لم تكن السفن معروفةً لدى المسلمين فس سابق الزمان، وكان هذا عائقاً أمامهم في خوض البحر، وكان الفرنجة يستغلّون هذا الجهل مما جعلهم يهدّدون البلاد الإسلامية الساحلية.
لم يكن القادة المسلمون يتوانون عن الالبحث عن كل تعرف ما هو جديد في سبيل الجهاد ونشر الإسلام، وكان الصحابي معاوية رضي الله عنه من القادة السباقين والتواقين لاستكشاف البحر، فكان هو حاكم ولاية الشام في تلك الفترة، وكان مقتنعاً بأهمية وفائدة السيطرة على البحر المتوسط لحماية الحدود ومنع الروم من السيطرة على الحدود الساحلية وتأمين حدود المسلمين، وتمهيداً لمحاولة فتح البلاد الأوروبية والقسطنطينية.
لقد كان هذا التغيير في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد وافق على طلب مُعاوية عندما تقدم له بالفكرة، وكان معاوية قد تقدم بالفكرة سابقاً في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلا أنه رفضها خوفاً على المسلمين من مخاطر البحر، وكان شرط أمير المؤمنين عثمان أن يأخذ معاوية عائلته وجميع أفراد أسرته معه في هذه التجربة، وأن لا يُجبِر أحداً من المسلمين على الخروج معه إلّا من يتطوع، لأنها تجربةٌ جديدة وخطيرة لا يمكن التنبؤ بمخاطرها.
كان لفتح القسطنطينية وركوب البحر بشارةً نبويةً، فأقبل المسلمون رجالاً ونساءً للمشاركة في هذه الحملات لتحقيق بشارة النبي، وقد بدأت صناعة السفن في منطقة طرابلس نتيجة توافر الأخشاب اللبنانية القوية والتي تصلح لصناعة السفن، واستطاع معاوية أن يبني أسطولاً مكوناً من ??? سفينةً، فتحرّك إلى سواحل قبرص واستطاع أن يفتحها وفرض شروط المسلمين عليها.
شهيدة البحر
كانت أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها، هي الشهيدة الأولى في البحر، وتم إطلاق لقب شهيدة البحر عليها، وهي بنت ملحان الأنصاري من قبيلة خزرج، خالة الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه، وتزوّجت من عمر بن قيس رضي الله عنه إلا أنّه استشهد في غزوة أحد، وتزوجت بعده من الصحابي عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وكانت كثيرة الصلاة والعبادة والزهد والورع ولديها حسن ضيافة.
كان استشهادها من خلال سقوطها عن الدابة التي أُحضِرت لها لتنزل عند المرفأ بعد العودة إلى بلاد الشام؛ حيث سقطت على عنقها، وتوفيت على الفور، وبذلك تحقّقت نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم بأن تكون من الأوّلين، ولم تشارك في الغزوات اللاحقة.