يوم عاشوراء
وِفقاً لتشريعات الشريعة الإسلامية، حَظيت العديد من الأوقات بقدسيّةٍ وأهمية وفائدة منقطعة النظير؛ فمن الأشهر كان شهر رمضان المبارك، ومن الليالي كانت ليلة القدر، ومن الأيام كانت العشر الأواخر من رمضان، والعشر الأوائل من ذي الحجة، ووقفة عرفة، ويوم عاشوراء.
يأتي يوم عاشوراء في العاشر من شهر محرم من كلّ عام هجري، وقد نال هذا اليوم العظيم أهميّةً قصوى كونه اليوم الذي نجّى الله تعالى فيه نبيه موسى -عليه السلام- ومن آمن معه من المؤمنين؛ فكان اليهود يُعظّمون هذا اليوم ويعتبرونه يوم صيام، وعندما علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبب تعيظمهم له جعل منه يوم صيامٍ للمسلمين؛ فهو أحقّ بموسى منهم. تقول أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها: (فلما قدم -صلى الله عليه وسلم- المدينة صام عاشوراء وأمر بصيامه، فلّما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه).
تَعاظمت أهمية وفائدة هذا اليوم بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعدّة عقود؛ فقد شهد هذا اليوم واحدةً من أعظم المآسي التي مرت في التاريخ الإسلامي، وهي مأساة مَقتل آل البيت الكرام وعلى رأسهم الإمام الحسين -رضي الله عنه-، وقد جاء مقتله -رضي الله عنه- ومن كان معه كالصاعقة على رؤوس المسلمين في ذلك الوقت؛ فقد كان الحُسين خير أهل زمانه، كما أنّه قد خرج لنصرة الحق الغائب. من المصادفات القدرية التاريخية اجتماع نجاة رسول الله موسى ومن معه، واستشهاد الحسين وآل البيت في اليوم نفسه.
صيام يوم عاشوراء
أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم- بصوم هذا اليوم العظيم؛ حيث إنّ لصومه فضل عظيم أشار إليه الرسول الكريم حين قال: (صوم عاشوراء يكفر السنة الماضية، وصوم عرفة يكفر السنتين الماضية والمستقبلة). الصيام إجمالاً وفقاً للشريعة الإسلامية يكون من آذان الفجر إلى آذان المغرب؛ حيث يمتنع الصائم عن الشهوات الجسدية الثلاث: الأكل، والشرب، والجنس خلال فترةِ الصّيام.
يقول العلماء في هذا الباب أنّه من الاحسن وأفضل للمسلم أن يصوم يوماً قبل يوم عاشوراء ويوماً بعده؛ فإن لم يستطع ذلك صام يوماً قبله أو يوماً بعده، فإن لم يستطع ذلك صام يوم عاشوراء فقط، وقد علّل بعض السادة العلماء الحكمة وراء أفضليّة عدم صوم يوم عاشوراء وحده بأنّه قد يَحدث خطأ في تحديد أوّل الشهر الهجري، وأنّ صيام يوم التاسع من محرم، أو الحادي عشر من محرم، أو كليهما معاً يأتي من باب التحوّط. ومن الأحكام الأخرى المتعلّقة بصيام يوم عاشوراء أنّه لا يسقط استحباب صيامه إذا ما صادَفَ العاشر من محرم يوم السبت.