يعتبر علم الحديث من أرقى العلوم الإسلامية فهو أول ما بدء بدأ في التاريخ الاسلامي حيث بدأه علماء المسلمين لحفظ التاريخ الاسلامي والسيرة النبوية والأقوال التي ذكرت على لسان النبي محمد والصحابة بطريقة محكمة تعصم الدين من التحريف والانكار، فكان هذا العلم الذي يتفرع كثيرا في تخصصاته المكلمة لبعضه البعض، فهناك علم الرجال الذي يبحث في الرجال الذي يروون الحديث (السند للحديث) لمعرفة أخلاقهم وهل كثر عنهم الكذب أم الصدق فيصنفون الكذب من الصدق بناءا على هذا المبدأ، وأيضا فكما كان العلم الخاص بالرجال مهما فقد كان العلم المتخصص بالحديث نفسه مهما جدا، فانقسم البحث فيه إلى علم الدراية والرواية، أما علم الدراية فهو المتخصص بالبحث في السند فيدرس صحة رجال السند، والبحث أيضا في السند عن الاتصال بين الناقلين عن بعضهم البعض بحيث يكونوا عايشوا عصر بعض في الزمان والمكان لضمان أن يكون الحديث انتقل وجها لوجه، وأيضا يدرس علاقة الرجال الذي رووه بشخصياتهم والمعروف عنهم من الصفات فيرفض المجهول غير المعلوم ويقبل المعروف بصدقه وأمانته وورعه ويبتعد عن المشهور عنه الكذب والمخالف لأخلاق وعادات الناس الفطرية، أما علم الرواية فكان متخصصا بالمتن على وجه الخصوص فهو يبحث في كون الحديث مطابقا للقرآن والتعاليم الاسلامية أم أنه يخالف القرآن فإنه إن خالف تم رفضه لأن القرآن مقدم عليه بكل الأحوال لأن القرآن مضمون لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحرف من أي بشري على وجه هذه المعمورة، وأما الآخر فهو تطابق المتن مع اللغة العربية، وتوافقه مع العقل والمنطق السليم للعقل وعدم مجاوزته للعقل السليم القادر على فهم المسألة والتعقل فيها جيدا.
ولذلك تم تصنيف الأحاديث التي ذكرت في التاريخ الذي روي عن الرجال في كتب الأحاديث إلى أربعة أصناف أساسية: الحديث الصحيح، والحديث الحسن، والحديث الضعيف، والحديث الموضوع؛ أما الأحاديث الصحيحة فهي الأحاديث التي يشهد لرواته في السند الصدق والامانة والعدالة، ولا وجود لانقطاع في الرواية ولا يوجد من يشتبه به، أما الحسن فهو من شهد لبعضهم وكان هناك انقطاع ضعيف أو مشبوه في السند غير معلوم، أما في الضعيف فهو الذي كثر الكذبة فيه وزاد عدد الانقطاعات في التواصل اللفظي بين الرواة، أما الموضوع فهو الذي لا يصح متنا ولا سندا فرواته كاذبون والحديث كذب على النبي.
فشروط الحديث الصحيح خمسة: الأول أن يكون المتن مطابقا للقرآن ومتماشيا مع التعاليم الاسلامية المشهورة والمتواترة بين الناس فلا ينكر فرضا ولا يحل حراما، والثاني أن يكون رواته جميعهم ثقات مشهود لهم بالصدق معلومي السيرة، والثالث أن لا يوجد أي انقطاع بين رواة الحديث، والرابع أن يكون السند واضحا مرويا عن ثقات مشهود لهم، والخامس أن يزداد عدد الأسانيد الراوية لنفس الحديث فلا ينبغي أن يكون الحديث مروي عن واحد فقط ولا ذكر له في باقي الأحاديث عن غير الرجل الذي رواه.