يعدّ الرّسول محمّد صلى الله عليه وسلم من احسن وأفضل الخلق أجمعين، وهو الّذي نشر الإسلام كلّه على الأرض بوحي من الله عز وجل، ولذلك فإنّ تشريع الإسلام يعتمد على القرآن الكريم والّذي يعتبر المصدر الأوّل للتشريع والكتاب المحفوظ، بالإضافة إلى السنة النبويّة المطهرة والتي انتقلت إلينا عبر أحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقام الصّحابة الكرام بنقلها عنه صلى الله عليه وسلّم، وقام العلماء بتصنيفها فيما بعد.
مفهوم وتعريف ومعنى الحديث النبوي
الحديث النبويّ الشريف هو كل ما ورد عن الرسول صلّى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفة، أو القصص التي وردت عنه أيضاً سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها؛ إذ إنّ الرسول صلّى الله عليه وسلم حُفظ منذ خلقه وحتى مماته بحفظ الله عزّ وجل الّذي أبعده عن كل شرٍّ ومكروه، وتأتي الأحاديث شارحةً ومبيّنة لأحكام الشريعة الإسلاميّة ومفصّلةً لها؛ إذ إنّ القرآن الكريم يحتوي على الأحكام والقواعد الأساسية في الإسلام بشكل عام، وجاءت السنة النبويّة التي انتقلت إلينا عن طريق الأحاديث الشريفة شارحةً ومفصّلةً لهذه الأحكام، ومبينةً للمعاني والمقصد الحقيقي للقرآن الكريم؛ إذ إنّ الحديث هو الكتاب المعجز، وهو معجزة الرّسول صلّى الله عليه وسلم الّتي لا يمكن للإنس ولا الجن أن يأتوا بمثلها، ولذلك كان الرّسول صلّى الله عليه وسلم صاحب المعجزة أقدر الناس على تبيانها بتأييدٍ من الله عزّ وجل ووحيٍ من عنده.
وكان الصّحابة رضوان الله عليهم يسمعون أحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلم ويحفظونها عنه بعكس القرآن الكريم الذي جُمع على الصحف وتمّ حفظه من قبل الله عزّ وجل قبل أي إنسان، وبعد انتشار رقعة الإسلام والفتوحات الإسلاميّة ودخول الأمم الأخرى وزيادة أعداد المنافقين والذين يكيدون للإسلام أصبح هنالك لغو كبير في الأحاديث، وأصبحت تشتمل على أحاديث مكذوبة ومنسوبة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو محرّفة عنه إمّا من غير قصد أو بقصد الإيقاع بالإسلام والمسلمين، ولذلك قام العديد من العلماء الأجلّاء في ذلك الزمان والّذين كان على رأسهم أصحاب الصحيحين: البخاري، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة: النسائيّ، والترمذيّ، وأبو داود، وابن ماجه، بتصنيف الأحاديث وفق العديد من القواعد الّتي وضعوها من أجل تصنيف الأحاديث وجمعها بالاعتماد على سندها؛ فكان صحيحا البخاري ومسلم حسب هذه القواعد هما احسن وأفضل الكتب الّتي قامت بجمع الأحاديث وتصنيفها، فاحتوى كلاهما على الأحاديث الصحيحة، ولذلك تم اعتبارهما من قبل العلماء أحد مصادر التّشريع في الإسلام.