يعرّف الحديث النّبوي الشّريف بأنّه كلّ ما ورد عن النّبي عليه الصّلاة و السّلام من أفعالٍ أو أقوالٍ أو تقريرٍ لمسألةٍ معيّنةٍ أو صفة ، و قد بيّن النّبي الكريم بأنّه قد أوتي القرآن و مثله معه ، و قد جاءت السّنة النّبويّة مفصّلةً و شارحةً لكثير من المسائل و الأحكام التي أجملها القرآن الكريم ، فصفة الصّلاة بركعاتها و أركانها جاءت مفصّلةً عن طريق النّبي عليه الصّلاة و السّلام ، و كذلك مناسك الحجّ و العمرة ، فالأحاديث النّبويّة شرحت و بيّنت كثيراً من أحكام الشّريعة و مناسكها ، لذلك عني العلماء المسلمون بدراسة الحديث الشّريف و جمعه و حفظه ، و كان أوّل من فكّر بجمع أحاديث النّبي عليه الصّلاة و السّلام هو سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ، و قد عدل عن ذلك ، و حين تولى الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز الخلافة أرسل إلى واليه على مكّة أبو بكر بن حزم يكلّفه بجمع الحديث الشّريف خشيةً من ضياعه ، فشرع في جمعه من غير تبويبٍ و تصنيفٍ كما فعل العلماء المتأخرون عنه لاحقاً ، و قد برع في جمع الحديث و تبويبه محمّد بن اسماعيل البخاري ، و الإمام مسلم بن الحجّاج ، و قد اعتبرت كتبهم أصحّ كتبٍ بعد كتاب الله عز وجل لما بذلوه فيه من جهدٍ و تعبٍ في جمع الحديث و سماعه من رواته ، و التّحري في صحّته تحريّاً شديداً ، حتّى روي عن الإمام البخاري أنّه كان يصلّي صلاة استخارة قبل وضع الحديث من شدّة عنايته و تثبّته .
و قد ظهرت علومٌ ارتبطت بجمع الحديث و روايته ، منها علم الجرح و التّعديل و علم تراجم الرّجال ، حيث بحثت هذه العلوم في رواة الحديث الشّريف و الحكم عليهم بالضّعف أو القوّة ، كما درس العلماء سند الحديث و مدى اتصاله أو انقطاعه ، و تم تصنيف الحديث تصنيفاتٍ تدلّ على مدى صحّته بناءً على أسسٍ معيّنةٍ ، فوجد الحديث الصّحيح و الحديث الحسن و الحديث الضعيف .
و لا شكّ بأنّ المسلمون يدرسون الحديث لأنّ جزءاً كبيراً من شريعتهم و أحكامهم قد أتت عن طريق السّنّة النّبويّة ، قال تعالى ( و ما آتاكم الرسول فخذوه ، و ما نهاكم عنه فانتهوا ) .