جدول المحتويات
التفريق بين الحق والباطل
يلتبس على الناس أحيانا معرفة الحق والباطل في كثير من أمور الحياة، ولا شك في أن هذا الالتباس بسبب عدم وجود معايير حقيقية للحكم على الأشياء والأحداث والأفكار بالصحة أو البطلان، وقد يكون سبب ذلك ضعف عقول الناس وقلة بصائرهم بحيث لا يستطيعون الوصول إلى الحقائق والتفريق بين الحق والباطل.
لذلك كان من عدالة الله سبحانه وتعالى المطلقة أنه لم يترك الخلق من دون مرشد أو معلم فأرسل إليهم الأنبياء والمرسلين الذي أخذوا على عاتقهم مسؤولية تبليغ دعوة الله تعالى ورسالته إلى الناس، وهداية أقوامهم إلى طريق الحق الذي لا لبس فيه، وتحذيرهم من سلوك طريق الباطل وتبيانه لهم.
طرق ووسائل التفريق بين الحق والباطل
ولا شك في أن للحق علامات و دلائل كما أن للباطل علامات، وبالتالي فإن الإنسان يستطيع التمييز بين الحق والباطل بمعرفة وإدراك عدد من الأمور نذكر منها:
- أن كل ما يصدر من رب العزة جل وعلا هو الحق، فمن أسمائه سبحانه وصفاته الحسنى أنه الحق، كما أن أنبياءه ورسله الذين أرسلهم إلى الناس لا ينطقون إلا بالحق لأنه يتلقون شرائعهم وتوجيهاتهم للناس عن طريق الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بينما يخضع ما يصدر عن العبد من أقوال أو أفعال أو أفكار للميزان والتمحيص، فقد تكون تلك الأمور حقا أو قد تكون باطلا باعتبار أن الإنسان مخلوق يخطئ ويصيب.
- أن الحق من علاماته أنه يبهر الأبصار والعقول ويسكت الألسن، وكما قيل إن الحق أبلج، فلا يدع لأحد مجالا للشك أو التأويل، لذلك كانت دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام دعوة حق لا يملك العاقل صاحب البصيرة إلا أن يتبعها لما تدعو إليه من أمور توافق العقل والمنطق السليم، بينما الباطل من علاماته أنه ضعيف لا يصل إلى القلوب والعقول، وإنما قد يؤثر في العواطف والأهواء والميول.
- أن الحق مرتبط بكل فضيلة وخير، بينما الباطل مرتبط بكل مذمة وشر وقبيح من الأقوال والأفعال والمعتقدات، وبالتالي فإن النفس تستطيع التمييز بين الحق والباطل بما يرتبطان به من الأفعال والأقوال، فالباطل على سبيل المثال يقترن بعدد من الأفعال مثل الزنا والكذب والغيبة والنميمة والقتل والكبر وسوء الأخلاق والطباع، بينما يقترن الحق بعدد من الأفعال ومنها التواضع والكرم والعفو والتسامح وحسن العشرة وغير ذلك الكثير من الأخلاق الحسنة.
- أن الحق تحبه النفوس ولا تأباه، بينما الباطل تأنفه النفوس وتكتمه وتخشى عواقبه، لذلك يفتخر صاحب الحق دائما بحقه ويجهر بالدفاع عنه وإظهاره، بينما ترى أهل الباطل مستخفين يخشون عواقب أعمالهم ويراعون نظر الناس إليهم.