الصداقة
الصديق هو روح أخرى تحلق في فضاء أرواحنا، هو نصفنا الآخر وهو الأخ والأم وكل شيء، وهو المظلة التي تقينا من قسوة الأيام، فحين تشتد بنا الآلام نجد أنفسنا نالبحث عن هذا الحضن الدافئ الذي نبث له كل شيء في خواطرنا وأحزاننا وما يؤلمنا فتكون حروفه كماءٍ يسقط على أرض جدباء عطشى فترتوي وتعود الحياة إليها من جديد، فالصديق نعمة كبرى تستوجب منا حمد المولى عليها، وهي هديةٌ من السماء دخلت إلى أقدارنا فجعلت لحياتنا معنىً ورونقاً وجمالاً مختلفاً.
معنى الصديق
الصديق: مشتق من الصدق؛ فالصداقة قوامها الصدق والوفاء فإن سقطا سقطت معه ولو كان عمرها ألف عام، وحين تخلت عن الصدق تخلت عن الروح التي تمنحها الحياة فتموت وتنتهي ملقية بحملها فوق مفرق يضعنا بين أمس جميل وحاضر مؤلم، ذكريات تصفر الريح بها موحشة مظلمة، فينطفئ سراج القلب وتحلّ به العتمة، إذ لا شيء يكسر القلب كصديق مزيف كما قال جبران خليل جبران :" الصديق المزيف كالظل يمشي ورائي حين أكون في النور، ويختفي حين أكون في الظلام" الذي ما اشتد الخطب فينا حتى كان أكثر الناس جفاءً وبعداً ولأجل هذا سمّي مزيفاً، أما الصديق الحقيقي هو من نجده حولنا في كل حين يفارقنا جسداً ويبقى نبضه وطيفه يراودنا لا يغيب، فهو من أنبت فينا لذة اللحظة حين قاسمنا إياها، والوقت في حضوره لا شيء فهو يفقد قيمته.
المحافظة على الصديق
حبك لصديقك يعني حرصك عليه وخوفك عليه كما تخاف على نفسك، تحب له ما تحب لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك، فمنذ أن ارتبطتما بعهد الصداقة أصبح كل منكما ملزماً بالآخر، يسدّد خطاه ويستر عيوبه، ويدله على الخير، ويبعده عن الشر، فالصديق مرآة لصديقه يرى نفسه به، يأمنه على نفسه، وأهله، وماله، لا يفشي سره لأحد، ولا يغتابه في غيبته، ويناديه بأحب أسمائه إليه، وليس من واجبات الصداقة عدم النصح خوفاً من غضبه، كلا فهذا يعني غشك له أن تراه يبتعد عن الصواب ولا توقظه أو تذكّره، فخير معين على طريقك هو رفيقك، كما قيل :" تخير الرفيق قبل الطريق".
همسة إلى صديقتي
يا أيتها الرائعة كالشمس في فضاءاتي تنيرينها وتلهبين الروح في تلك الإطلالة البهية، أيتها القريبة رغم بعدك، فحبنا وأشواقنا لا تقاس بالمسافات إنّما بما يسري في عروقنا فيسقي القلب ويحيي الروح، صداقتنا أخذت علينا عهد المحبة الأبدية فلا دهر يفرقنا، ولا هذه الظروف، لأن وصالنا أوثق وأقوى من حياة فانية فهو باقٍ موصول بحبال السماء إلى الجنة، فدمتِ لي صديقتي.