الموت
خلق الله عزّ وجل الإنسان لعبادته، وأوضح له الطريق الصحيح، وحذره من الانحراف عنه، وقد بيّن له في القرآن مراحل حياته القصيرة، فخلقه من نطفة، ثم بيّن له طريقي الخير والشر، وترك له حرية اختيار أحدهما، وبعد ذلك سيموت، ويدفن في التراب، وأخيرا سيبعث يو القيامة ليلاقي حسابه على ما فعل من خير وشر، فحياته لها بداية وهي نفخ الروح في جسده، حيث تعمّ الفرحة الجميع لاستقباله، ونهايتها خروج هذه الروح من جسده، مرةً أخرى، ويسود الحزن والبكاء على فراقه، فالروح لا يعلم حقيقتها وماهيّتها إلا خالقها، فهي سر عجيب وعظيم، فما إن تخرج من الجسد، حتى يصبح جثة هامدة، وجيفة قذرة، ومع معرفة العبد لهذا فلا يتراجع عن كبره وظلمه وعصيانه، ولكن سيقول "ربّ ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت"، وذلك عند خروج روحه، وفراق دنياه، ولكن هيهات هيهات، قد فات الأوان، فهنا ستبدأ أول عذاباته، وستُنزع روحه نزعاً، ولك تخيُّل صعوبة ذلك ومشقته، في حين تكون هذه اللحظة نفسها بالنسبة للمؤمن فرحاً وسروراً، ولكن كيف تخرج الروح من الجسد وهل أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك؟ نعم لقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديت التي تصف كيفيّة خروجها، والمشقّة التي تلحق بالجميع، ولكنها تتفاوت درجاتها، فخروجها سهل على العبد المؤمن، وإن اشتدّت قليلاً فلتكفير بعض الخطايا والذنوب، وأمّا الكافر فهي أشد ماتكون عليه.
طريقة خروج الروح من الجسد
إنّ خروج الروح من الجسد لأمر عظيم، وأكبر المصائب، لا يعرف طعمها إلا من ذاقها، وسيذوقها كلّ فردٍ على حدة، فعند بدء خروج الروح تبدأ سكرات الموت وآلامه، حيث تخرج رويداً رويداً، فأوّل ما تخرج فمن الأطرف، اليدين والقدمين، فيموت الإحساس فيه، وتتلاشى حرارتها، لتصبح شديدة البرودة، وتنتقل لتخرج من عضو إلى آخر، حتى تصل إلى الحلقوم، عندها يصبح لا بيصر شيئاً، فإذا كانت طائعة لله عزوجل، نزلت إليه ملائكة بيض الوجوه، فيقول لها ملك الموت: أخرجي أيّتها النفس الطيبة إلى مغفرة من الله ورضوان، فتخرج بسهولة ويسر ودونما عناء، ويخرج منها كأطيب ريح مسك وجدت على وجه الأرض، أمّا العبد الكافر فتنزل إليه ملائكة سود الوجوه، ويقول ملك الموت: "أيّتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط الله، فينزعا نزعاً كما ينزع السفود أيّ الشوك من الصوف، وتخرج كأنتن ريح جيفة وُجدت على وجه الأرض".