الخلفاء الراشدون
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بدأت الفتن وبدأ المرتدون عن الإسلام بالتساؤل عن إيمانهم المزعوم، وتركوا الإسلام لاعتقادهم أن الإسلام ينتهي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لذا كان لا بد من تعيين شخص بأحقية لتولي خلافة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإكمال مهمته التي بدأها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن له أي ولد ذكر على قيد الحياة، ليتولى الخلافة عنه.
عين الصحابة الخلفاء الراشدين الأربعة، إما بالإجماع، أو بتنصيب من الخليفة الذي قبله، وكان أولهم أبو بكر الصديق، وثانيهم عمر بن الخطاب، وثالثهم عثمان بن عفان، ورابعهم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا.
ثالث الخلفاء الراشدين
هو عثمان بن عفان رضي الله عنه، أبو عبد الله بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي، الملقب بذي النورين؛ لأنه تزوج من ابنتي الرسول صلى الله عليه وسلم، السيدة رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد وفاتها تزوج بأختها السيدة أم كلثوم، وهو واحد من العشرة المبشرين بالجنة.
ولد عثمان بن عفان في الطائف بعد عام الفيل بست سنوات، ودخل الإسلام بعمر تسع وثلاثين على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ليبدأ بإنجازاته ومرافقته للرسول صلى الله عليه وسلم في كل غزواته، ما عدا غزوة بدر؛ لأن زوجته رقية كانت مريضة، فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بالبقاء معها، ولكنه أعده من أهل بدر، وقسم له من غنيمتها.
كان عثمان بن عفان رضي الله عنه أول من هاجر بأهله، وهاجر الهجرتين إلى الحبشة، وإلى المدينة المنورة، وهو أول من زاد أذانا ثانيا يوم الجمعة، وأول من أعطى أجرا للمؤذنين، وأول من أمر الناس بإخراج زكاة عن أموالهم. بويع عثمان بن عفان للخلافة بعد وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بثلاث ليال، واستمر في خلافته مدة اثنتي عشرة سنة، فتح فيها الكثير من البلدان ونشر الإسلام، مثل: جزيرة قبرص، وكرمان، وسجستان، وكابل، وبلاد أفريقية أخرى؛ حيث وسع البلاد الإسلامية من خلالها.
كان عثمان بن عفان متوسط القامة، بعظام جسم عظيمة وبارزة، وكان أبيض ورقيق البشرة، وكثير شعر الرأس واللحية، وعرف عنه تواضعه وكرمه؛ حيث اشترى بئر رومة وتركها للمسلمين ليشربوا من مائها، وجهز جيش العسرة بمئة بعير.
أراد أصحاب الفتنة والأمصار الضرر والشر بالخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، فحاصروه وهو في منزله مع زوجته نائلة، ومنعوا عنه الماء، وكان ذلك في شهر رمضان المبارك؛ حيث كان صائما، وعندما وصل الخبر لعلي بن أبي طالب، أمر الحسن والحسين بإرسال ثلاث قرب مملوءة بالماء إليه، حيث كان مرابطا وصابرا اقتتداء وبقاءا على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن أصحاب الفتن تمكنوا منه ودخلوا عليه، بينما كان يقرأ القرآن الكريم، فقتلوه ومات شهيدا وهو بعمر التسعين، رضي الله عنه.