عندما خلق الله سبحانه و تعالى الخلق ، لم يعصمهم من الزلل و الخطأ ، و لم يجعلهم كالملائكة التي خلقها للتسبيح و العبادة ، و استثنى من خلقه أنبياءه ، فهم معصومون بأمره من النواقص و المعاصي ، فالإنسان في حياته و معاملاته ينطلق من هذه القاعدة الربانية التي تؤكد على ضعفه بما يمتلكه من نوازع الخير و الشر و الشهوات المختلفة التي تعتلج في نفسه ، و قد بين النبي صلى الله عليه و سلم ضعف النفس البشرية بقوله إن كل بني آدم خطاء ، و في الحديث الآخر لو لم تذنبون لأتى الله بقوم آخرين يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم ، فالإنسان يدرك أن نصيبه من الخطأ و الزلل واقع لا محالة ، و لكنه يتزود بالتقوى و الإيمان لتكون درءا له و حماية من الوقوع في المعاصي ، و الله سبحانه و تعالى رحيم بعباده ، عليم بضعفهم و افتقارهم إلى رحمته و غفرانه ، فلا يقنطن أحد من رحمة الله فرحمة الله واسعة لا يغيضها شيء ، و لكن ما ينبغي أن يعرفه المسلم هو أسلوب التوبة و الاستغفار من المعاصي ، و كيف يسامح الله سبحانه عباده ؟ .
بين الله سبحانه و تعالى عقيدة المسلم الصحيحة في الإستغفار و التوبة ، فحين يدرك المسلم أن له ربا يغفر الذنب فيلجأ إليه و يدعوه ، فإنه بذلك يرضي الله سبحانه ، فتحقيق رضا الله سبحانه هو أول طرق وخطوات الاستغفار و التوبة ، ففي الحديث القدسي علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ، غفرت لعبدي فليفعل ما يشاء ، فالاستغفار يبدأ إذن بتقرير حقيقة يوجدها المسلم في قلبه أن الله وحده هو القادر على محو الذنوب و مسامحة العباد فهو أهل التقوى و أهل المغفرة . و على المسلم أن يدعو ربه مستغفرا من ذنوبه منيبا إلى ربه متضرعا ذليلا ، و أن يندم على ذنبه الذي اقترفه في حق الله ، و إن كان الذنب في حق العباد وجب رد حقوقهم و طلب مسامحتهم ، ثم يبيت النية في قلبه على أن يقلع عن ذنبه و أن لا يعود إليه بعد ذلك ، و هذه هي التوبة النصوح التي ترضي الله عز وجل فيسامح عبده و يغفر له .