يمكن اعتبار تقوى الله تعالى على أنها بقاء الإنسان المؤمن بالله تعالى في منطقة الأمور التي يرضاها الله تعالى لعباده وعدم تجاوز الخط والذهاب إلى المنطقة التي لا يرضاها الله تعالى، فالله تعالى عندما خلقنا أمرنا أن نطيعه، فقد أعطانا القوانين الحياتية التي تضمن لنا حياة هانئة وادعة حيث بين لنا محرماته وهي قليلة جدا لا تكاد تذكر إن قارناها بالحلال والمباح فعله وهذا التوضيح والتبيان تعرف ما هو إلا لراحتنا وهنائنا، فعندما حرم الله تعالى الربا، فهو يعلم ما فيه من مضرة كبيرة للإنسان، وعندما أكد الله تعالى على حرمة الخيانة فهو أيضا للتأكيد على أن الدين لم يأت ليغير من عادات الناس الحسنة وقيمهم الأصيلة بل جاء ليؤكد عليها، فقد قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ". ومن هنا فتقوى الله تعالى تكون بأن يدرك الإنسان تمام الإدراك أن الحرام وعلى قلته فهو لصالحنا.
المحرمات في الدين الإسلامي تنحصر في عدد من التصنيفات منها المحرمات الأخلاقية وهي محرمات عند جميع الأمم إنما أكد الإسلام عليها وعلى وجوب تحريمها، لما لها من ضرر كبير على الناس، بالإضافة إلى المحرمات المالية كالربح الفاحش والربا والاحتكار، وهي بشكل أو بآخر تدخل أيضا ضمن المحرمات الأخلاقية لما فيها من استغلال بشع بكل معنى الكلمة للناس في أوقات حاجتهم، وهناك أيضا محرمات المأكل والمشرب كتحريم الله تعالى للخمر والخنزير، وهناك أيضا المحرمات السلوكية أو المحرمات الاجتماعية كالسرقة والزنا، وهي أيضا تندرج بشكل أو بآخر ضمن المحرمات الأخلاقية، فالسرقة على سبيل المثال فيها استغلال لغفلة الناس وأخذ ما ليس للإنسان خلسة وبغير وجه حق، لهذا فنرى أن غالبية المحرمات تندرج ضمن المحرمات الأخلاقية وأن المحرمات التي جاء الإسلام بتحريمها بشكل منفرد لها أيضا بعد أخلاقي، ونرى أيضا كما أن حجم المحرمات قليل جدا عند مقارنته بالحلال، وأن تقوى الله تعالى جدا سهلة فكل ما يحتاجه هو قليل من الإرادة والقرب من الله تعالى عندها سيوفق الله هذا الإنسان وسيكون مباشرة قادرا على أن يقوم بعمل كل ما يرضاه الله تعالى وكل تعرف ما هو أخلاقي بأصله، فالإنسان هو من يحدد الطريق الذي سيسلكه وهو الذي يعرف ما الذي يتوجب أن يقوم به وما الذي يجب أن يبتعد عنه، فقد قال تعالى " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ".