أبو ذؤيب الهذلي هو أحد الشعراء العرب ، و يعد من الشعراء المخضرمين حيث أنه عاصر فترة الجاهلية و عاصر فترة الإسلام . و هو خويلد بن خالد بن محرث أبو ذؤيب ، و قد لقب بالهذلي نسبة إلى قبيلته ( بني هذيل بن مدركة ) من مضر . أعتنق الإسلام إلا أنَّه لم يرى الرسول محمد صلى الله عليه و سلم ، حيث أنه أتى إلى الرسول عليه احسن وأفضل الصلاة و اتم التسليم ليلة وفاته و شهد دفنه . و قد فقد ( 5 ) أبناء نتيجة إصابتهم بالطاعون في نفس السنة . اشترك أبو ذؤيب الهذلي في الفتوح و الغزوات ، إلى أن توفي بمصر عام ( 27 ) هجري .
له ( 30 ) قصيدة ، و من هذه القصائد : ( جمالك ايها القلب القريح ) ، ( أمنك البرق أرقبه فهاجا ) ، ( لعمرك و المنايا غالبات ) ، ( تؤمل أن تلاقي أم وهب ) ، ( أدرك أرباب النعم ) ، ( صبا صبوة بل لج وهو لجوج ) ، ( يا بيت خثماء الذي يتحبب ) ، ( أمن آل ليلى بالضجوع وأهلنا ) ، ( ألا ليت شعري هل تنظر خالد ) و غيرها من القصائد .
كان الشاعر أبو ذؤيب شاعراً فحلاً ، و كان سيداً مطاعاً في قومه و ذو مكانة رفيعة بينهم ، لم يعرف بالتحديد يوم و سنة ولادته ، و لكن يرجح على أنه كان في الخمسين من عمره . و حرف أنه كان من الثابتين على إسلاه و أنه قد حسن إسلامه ، و قد كان كبيراً في السن عندما أسلم فقد أسلم سنة ( 9 ) هجري .
و قد فجع بأولاد الذين توفوا نتيجة الطاعون في نفس السنة ، و قد كتب فصيدة ( أمن المنون و ريبها تتوجع ) ليرثيهم بها ، و فيما يلي جزء من هذه القصيدة :
أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني غُصَّةً بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ
سَبَقوا هَوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
فَغَبَرتُ بَعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ وَإَخالُ أَنّي لاحِقٌ مُستَتبَعُ
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ
فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
حَتّى كَأَنّي لِلحَوادِثِ مَروَةٌ بِصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
لا بُدَّ مِن تَلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ
وَلَقَد أَرى أَنَّ البُكاءَ سَفاهَةٌ وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ