اتسم العرب منذ قديم الزمان ببلاغتهم وطلاقة لسانهم باللغة العربية الفصحى، فهي أسمى لغة للمسلمين لأنها اللغة التي أنزل الله عز وجل بها القرآن على نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فكما جاء في الآية الكريمة (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )، فكان من أبرز ما قدموه لهذه اللغة العظيمة هو أن قاموا بتأليف أعمال كثيرة مكتوبة باللغة العربية فقط، التي أطلق عليها فيما بعد الأدب العربي، ومن هذه الأعمال الروايات، القصص القصيرة، النثر والشعر.
يعتبر الشعر من أقدم وأرقى الفنون لدى العرب منذ قديم الزمان وحتى قبل مجيء الإسلام، فكان الشعراء ينظمون الكثير من الأحداث التي مروا بها على شكل أبيات شعرية، حتى أصبح الشعر الوثيقة التي عرفت العالم بأحوال العرب وأوضاعهم وثقافتهم وتاريخهم، وقد تميزت الأبيات الشعرية التي ينظمها الشعراء العرب بأنها موزونة ومقفاه، فقد عرف العرب قديما الشعر على أنه كلام موزون ومقفى، وكانوا يحرصون بشكل كبير على أن يأتي الوزن والقافية في صدر البيت وعجزه، مما أدى إلى ظهور كتب خاصة تبين طريقة ضبط أوزان الشعر وقوافيه، وطريقة اتباع الأشكال البلاغية واعتمادها عند الاستعارة والتشبيه وصنوف البديع والكناية، وفي حال كانت الأشعار على شكل مجموعات فإن تسميتها تختلف تبعا لفكرة كل منها، ومن أهم وأشهر هذه المجموعات:
- المعلقات: هي إحدى مجموعات القصائد التي تتسم بطول نفسها، وجزالة ألفاظها، وتنوع فنونها، وثراء معانيها، كما أن أهم ما يميزها هو شخصية الشاعر الذي نظمها.
- المختارات: تتسم أشعار هذه المجموعة بأن أبياتها جيدة النظم ومشهورة.
استخامات الشعر
كما أن للشعر مناسبات واستخدامات لدى العرب، ومن أهم استخداماته:
- الهجاء: وفي هذا الشعر كان الأعداء من الناس والشعراء يذكرون مساوئهم من خلاله، ومن أشهر الشعراء في الهجاء هم جرير، والفرزدق، والطرماح بن الحكيم.
- المديح: وعادة كان يقوم الشعراء بمدح ملوكهم لنيل المال.
- الاعتذار.
- الغزل.
- الرثاء.
- الفخر.
الشاعر هو ذلك الشخص الذي باستطاعته نظم الأبيات أو القصائد الشعرية ضمن لغة سليمة، وكان الشاعر في قديم الزمان يعد أداة تباهي وتفاخر بين القبائل العربية، وهو أيضا أداة للتباهي بأمجاد وتاريخ القبيلة كما أنه الوسيلة الوحيدة للرد على أشعار القبائل الأخرى، ومن المعروف أن العديد من شعراء العرب عاصروا عصرا واحدا فقط، بينما هنالك عدد من الشعراء الذين عاشوا في عصرين.
والشاعر الذي عاش في عصرين يطلق عليه لقب الشاعر المخضرم، لأن كلمة المخضرم في اللغة العربية تطلق على من عاش في فترتين زمنيتين أو عاصر عهدين مختلفين، وكلمة الشاعر المخضرم تعني بناءا على ما تقدم أن هذا الشاعر أدرك عصر الجاهلية قبل الإسلام وامتد به الزمان حتى عاش في الإسلام وأسلم، ويمتاز شعرهم بالجزالة والقوة وكذلك وجود الإيمان في أشعارهم كالخنساء رضي الله عنها وهي تماضر بنت عمرو، وكذلك أبو محجن الثقفي، وحسان بن ثابت رضي الله عنه الذي كان يدعى بشاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم.