يشكو عددٌ من النّاس من الحساسيّة في حياتهم، فالحساسيّة تدلّ في إحدى جوانبها على ضعفٍ في شخصيّة الإنسان، ذلك بأنّ الإنسان قوي الشّخصيّة يكون الأقدر على ضبط انفعالاته والتّحكم بها، فحين ترى بعض النّاس يحاول إثارته يصدّه بكلّ عزيمة، كما تراه لا يتأثّر بكلام النّاس عنه، وإذا خاطبه الجهلاء بما يكره لم يلقي لهم بالاً، وعلى الجانب الآخر ترى الأشخاص الذين يعانون من الحساسيّة كالسّفينة المهملة التي تجري بها الرّياح حيث شاءت ذهاباً وإياباً، وكذلك الحساسيّة تذهب بصاحبها كيفما شاءت وتتحكّم بعواطفه وانفعالاته، بل تجعله يتفاعل معها جسديّاً وذهنيّاً مما يؤثّر على حياته وتعاملاته مع النّاس .
وقد أظهرت دراسات علم النّفس التّحليلي نتائج عجيبةٍ حين درست عيّنةً من الأشخاص الذين يعانون من الحساسيّة ليتبيّن أنّهم من أشدّ النّاس تركيزاً، كما أنّهم يتمتّعون بقدراتٍ عقليّةٍ وتحليليّة فذّة، وبالتّالي وجب عليهم الحفاظ على قدراتهم تلك بالابتعاد عن السّلبيات التي تعرقل الإيجابيّات في الحياة، ومن الوسائل التي تعين على التّخلص من الحساسيّة نذكر :
- أن لا يجعل الإنسان المشاعر السّلبيّة تتحكّم به وتسيطر على انفعالاته، فعندما يمرّ بموقفٍ معينٍ يستعدي تحسّساً نحوه يقوم فوراً بالتّركيز على الجانب الإيجابي وإهمال الجانب السّلبي حتى لا يتحكم فيه .
- أن يتخيّل الإنسان مواقف يتعرّض فيها للحساسيّة وأن يتخيّل كيف يعالجها بحكمةٍ وتعقّل وإيجابيّة، وأن يكرّر هذا التّخيل مرّات ومرّات، والنّتيجة حتماً ستكون إيجابيّة حين يتعوّد العقل الباطن على حسن التّصرف في مثل هذه المواقف .
- أن يعلم الإنسان بأنّ كلام النّاس لا يقدّم شيئاً ولا يؤخّر، فحقيقة الأشياء والشّخوص تبنى على ماهيّتها وصفاتها، ولا تتغيّر بمجرد الأقوال، فإذا وجدت إنساناً سميناً، فلن يغيّر كلام النّاس عنه بأنّه نحيفٌ حقيقة أمره، فإدارك حقيقة النّفس وتقدير الذّات وقدراتها ممّا يجعل الإنسان يتمتّع بالقوّة لقهر الحساسيّة والسّلبيات في حياته .
- كما أنّ اشغال النّفس بتحقيق الأهداف والطّموحات ممّا يعين الإنسان على التّخلص من الحساسيّة في حياته، فصاحب الطّموح لا يلتفت إلى أقوال الناس وترّهاتهم، لأنّه يرى بأنّها تعطّل من مسيرته نحو تحقيق أهدافه وتطلّعاته .
- وأخيراً على الإنسان أن يحسن الظنّ بمن حوله حتى يحسن من حوله الظنّ به، وأن لا يتلقّف كلام النّاس بسوء الظنّ الذي يؤدّي إلى الحساسيّة من النّاس .