الغربة هي البعد والفراق والرحيل، وهي من الأشياء التي لا نتمناها ولا نريدها، وهي البعد عن الوطن والعائلة والأصدقاء والأحباب، والشخص الذي يتغرب يكون هدفه إمّا الدارسة أو العمل، ونتمنى رجوع جميع المغتربين عن وطنهم سالمين غانمين، وهنا في هذا المقال جمعتُ لكم أقوال مأثورة عن الغربة.
أقوال مأثورة عن الغربة
- عن أبي وائل - شقيق بن سلمة - قال: إن أهل بيت يضعون على مائدتهم رغيفاً حلالاً: لأهل بيت غرباء.
- عن حزم بن أبي حزم قال: مر بنا يونس على حمار، ونحن قعود على باب لا حق، فوقف؛ فقال: أصبح من إذا عرف السنة عرفها غريباً، وأغرب منه: الذي يعرفها.
- عن فرقد السبخي قال: الغريب: من ليس له حبيب.
- عن علي بن محمد بن الحسن الحربي قال: جاء رجل إلى أبي بكر الأبهري يشاوره في السفر فأنشده:
متى تحسب صديقك لا يقلوا…وإن تخبر يقلوا في الحساب وتركك مطلب الحاجات عز…ومطلبها يذل عرى الرقاب وقرب الدار في الإقتار خير…من العيش الموسع في اغتراب.
- عن إبراهيم الحربي قال: من تعدون الغريب في زمانكم هذا؟ فقال واحد منهم: الغريب من نأى عن وطنه، وقال آخر: الغريب من فارق أحبابه، وقال كل واحد منهم شيئاً، فقال إبراهيم: الغريب في زماننا رجل صالح عاش بين قوم صالحين إن أمر بالمعروف آزروه، وإن نهى عن المنكر أعانوه، وإن احتاج إلى سبب من الدنيا مانوه، ثم ماتوا وتركوه.
- عن محمد بن يزيد المبرد قال:
جسمي معي غير أن الروح عندكم…فالجسم في غربة والروح في وطن فليعجب الناس مني أن لي بدناً… لا روح فيه ولي روح بلا بدن ثم قال: ما أظن قالت الشعراء أحسن من هذا، فقلت: ولا قول الآخر. قال: هيه. قلت: الذي يقول: فارقتكم وجئت بعدكم…ما هكذا كان الذي يجب فالآن ألقى الناس معتذرا…من أن أعيش وأنتم غيب قال: ولا هذا. قلت: ولا قول خالد الكاتب: روحان لي روح تضمنها…جسدي وأخرى حازها بلد وأظن غائبتي كشاهدتي…بمكانها تجد الذي أجد قال: ولا هذا. قلت: أنت إذا هويت الشيء ملت إليه، ولم تعدل إلى غيره. قال: لا، ولكنه الحق، فأتيت ثعلباً فأخبرته، فقال ثعلب: ألا أنشدته: غابوا فصار الجسم من بعدهم…ما تنظر العين له فيا بأي وجه أتلقاهم…إذا رأوني بعدهم حيا ياخجلتي منه ومن قوله…ما ضرك الفقد لنا شياً قال: فأتيت إبراهيم بن إسحاق الحربي فأخبرته فقال: ألا أنشدته: يا حيائي ممن أحب إذا ما…قال بعد الفراق أني حييت لو صدقت الهوى حبيباً على…الصحة لما نأى لكنت تموت قال: فرجعت إلى المبرد، فقال: أستغفر الله إلا هذين البيتين.
- عن أبي العباس محمد بن إسحاق السراج قال: ما الذي حملك على الخروج منها؟ قال: أقام بها أخي إسماعيل خمسين سنة فلما توفى ورفعت جنازته سمعت رجلاً على باب الدرب يقول لآخر: من هذا الميت؟ قال: غريب كان هاهنا، فقلت: إنا لله بعد طول مقام أخي بها، واشتهاره بالعلم والتجارة يقال غريب كان هاهنا، فحملتني هذه الكلمة على الانصراف إلى الوطن.
- قال ذي النون المصري: بينا أنا في بعض مسيري إذ لقيتني امرأة فقالت لي: من أين؟ قلت: رجل غريب، فقالت لي: ويحك، وهل يوجد مع الله إخوان الغربة؟! وهو مؤنس الغرباء، ومعين الضعفاء، فبكيت فقالت لي: ما يبكيك؟ قلت: وقع الدواء على داء قد قرح فأسرع في نجاحه. قالت: إن كنت صادقاً، فلم بكيت؟ قلت: والصادق لا يبكي! قالت: لا. قلت: ولِمَ؟ قالت: لأن البكاء راحة القلب، وملجأ يلجأ إليه، وما كتم القلب شيئاً أحق من الشهيق والزفير، فإذا أسبلت الدمعة استراح القلب، وهذا ضعف عند الألباء يا بطال، فبقيت متعجباً من كلامها، فقالت: مالك؟ قلت: تعجباً من هذا الكلام. قالت: وقد أنسيت القرحة التي سألت عنها. قلت: لا. قلت: علميني شيئاً ينفعني الله به. قالت: وما أفادك الحكيم في مقامك هذا من الفوائد ما تستغني به عن طلب الزوائد. قلت: لا، ما أنا بمستغن عن طلب الزوائد. قالت: صدقت أحب ربك واشتق إليه فإن له يوماً يتجلى فيه على كرسي كرامته لأوليائه وأحبائه فيذيقهم من محبته كأساً لا يظمئون بعدها أبداً. قال: ثم أخذت في البكاء والزفير والشهيق، وهي تقول: سيدي: إلى كم تخلفني في دار لا أجد فيها أحداً يسعدني على البكاء أيام حياتي، ثم تركتني ومضت.
- قال محلم بن أبي محلم الشاعر: شخصت مع عبد الله بن طاهر إلى خراسان في الوقت الذي شخص، وكنت أعادله وأسامره، فلما صرنا إلى الري مررنا بها سحراً، فسمعنا أصوات الأطيار من القماري وغيرها، فقال لي عبد الله: لله در أبي كبير الهذلي حيث يقول:
ألا يا حمام الأيك الفك حاضر…وغصنك مياد ففيم تنوح قال: ثم قال: يا أبا محلم هل يحضرك في هذا شيء؟ فقلت: أصلح الله الأمير كبرت سني، وفسدت ذهني، ولعل شيئاً أن يحضرني، ثم حضر شيء فقلت: أصلح الله الأمير قد شيء تسمعه، فقال: هاته، فقلت: أفي كل عام غربة ونزوح…أما للنوى من ونية فنريح لقد طلح البين المشت ركائبي…فهل أرين البين وهو طليح وذكرني بالري نوح حمامة…فنحت وذوا الشجو الحزين ينوح على أنها ناحت ولم تذر دمعة…ونحت وأسراب الدموع سفوح وناحت وفرخاها بحيث تراهما…ومن دون أفراخ مهامه فيح عسى جود عبد الله أن يعكس النوى…فنلقى عصى التطواف وهي طريح قال: فقال: يا غلام أنخ، لا والله لا جزت معي حافراً ولا خفاً حتى ترجع إلى أفراخك، كم الأبيات؟ فقلت: ستة قال: يا غلام أعطه ستين ألفاً، ومركباً، وكسوة، وودعته وانصرفت.
- عن محمد بن موسى قال: شهدت منصور بن عمار القاص، وقد كلمه قوم فقالوا: هذا رجل غريب يريد الخروج إلى عياله. فقال لابنه أحمد بن منصور: يا أحمد امض معهم إلى أبي العوام البزاز، فقل له: أعطه ثياباً بألف درهم، بل بأكثر من ذلك حتى إذا باعها صح له ألف درهم.
أشعار عن الغربة
- إِن تَرْمِكَ الغربةُ في معشرٍ
قد جُبِلَ الطبعُ على بغضهمْ
وأَرْضِهم ما دمتُ في أَرْضِهم
- الفقرُ في أوطاِننا غربةٌ
والمالُ في الغربةِ أوطانُ
والناسُ إِخوانٌ وجيرانُ
- أجارتنا إنا غريبان ها هنا وكل غريب للغريب نسيب
- هاجت فؤادك للحبيبة دار أقوت وغير آيها الأمطار
- أيها الراكب الميممُ أرضي أقرِ من بعضي السّلامَ لبعْضِي
- شدّ الجلاءُ رحالَهم فتحملت أفلاذ قلب بالهُموم مبددِ
- يا ليت شعري هل أبيتن ليلة أمامي وخلفي روضة وغدير
- أشتاق حتى الموت يا صحبي إلى وطني
- أحرقي في غُربتي سفني
- لأنّي غريب
- غريبٌ أجل أنا في غربة وإن حفّ بي الصحبُ والأقربون