قبل الحديث عن قصر البارون ، سأتحدث عن البارون نفسه ، و هو المهندس " إدوارد إمبان " ، بلجيكي الجنسيّة ، كان متميّزاً ، فقد منح لقب " بارون " تقديراً له على تميزه في إنشاء مترو باريس ، و قد منحه اللقب ملك فرنسا .
كان البارون البلجيكي يهوى السياحة و السفر و جمع الأموال ، حيث جاب أرجاء العالم بأمواله التي لا تحصى ، و من البلاد التي قام بزيارتها " مصر " و التي عشقها منذ أن وطأت قدماه ثراها ، و اتخذ قراره بالبقاء فيها للأبد ، و أورد في وصيّته بأنه يريد أن يدفن في ترابها بعد و فاته حتى لو كان بعيداً عنها لحظة الوفاة .
و الغريب في الأمر إتخاذ البارون الصحراء مقراً لإقامته الدائم ، في مكانٍ قريب من العاصمة ( القاهرة ) .
قصر البارون:عرض البارون على الحكومة المصريّة فكرة إقامةِ حي وسط الصحراء شرقي القاهرة ، أطلق عليه " مدينة الشمس " هليوبوليس ، و قام البارون بشراء فدان الأرض بجنيه واحد ، و كان زهد ثمن الفدان لافتقار المنطقة للخدمات و الطرق ووسائل ، و ليستطيع جذب الناس لمنطقته الجديدة ، قرر إنشاء مترو لا يزال يعمل حتى و قتنا هذا ، و يسمى مترو مصر الجديدة ، و قد كلّف " أندريه برشلو " بإنشاء خط مترو يربط المدينة الحديثة بالقاهرة ، و البدء في إقامة المنازل على ( الطراز البلجيكي الكلاسيكي ) ، و حدائق غاية في الجمال ، و قام ببناء فندق ( هليوبوليس القديم ) ، الذي قامت الحكومة المصريّة مؤخراً بإضافته إلى القصور الرئاسيّة !
و جاء دور القصر الأسطوري ، الذي لا تفارقه أشعة الشمس ، بحيث تقتحم أشعتها جميع حجرات و ردهات القصر ، و يعد من أفخم القصور الموجودة في مصر على الإطلاق .
أما غرفة البارون في القصر فتضم لوحةً تجسد كيفيّة الحصول على الخمر عن طريق عصر العنب و تخميره ، و احتسائه حسب التقاليد الرومانيّة ، و ما تحدثه الخمور في رؤوس شاربيها .
و أخذت فكرة البناء من معبد ( أنكوروات ) في كمبوديا ، بالإضافةِ لمعابد " أوريسا " الهندوسيّة ، تصميم المهندس الفرنسي " الكساندر مارسيل " ، و وضع الزخرفة " جورج كلود " .
تقع هذه الأسطورة المعماريّة على مساحة 12,5 ألف متر ، تحمل شرفاته على تماثيل الفيلةِ الهنديّة ، و ينتشر العاج في داخل القصر و خارجه ، تعلو نوافذ القصر و تنخفض مع تماثيل بوذيّة و هنديّة ، أما داخل القصر فعبارة عن متحفٍ يحوي تحف و تماثيل من المعادن النفيسة ، و يحوي القصر ساعةً قديمة لا مثيل لها إلا في قصر باكنجهام في لندن ، حيث تظهر الوقت بالدقائق و الساعات و الأيام و الشهور و السنوات ، مع بيان درجة الحرارة ، و التغيرات التي تطرأ على شكل القمر .
حجم القصر من الداخل صغير نسبيّاً ، حيث يتكوّن من طابقين و سبعةِ حجراتٍ فقط ، يتكون الطابق الأول من ثلاث حجرات اثنتان للضيافة و الأخيرة استخدمها البارون كصالة للعب البلياردو ، و أيضاً يتكوّن من صالة واسعة ، و الطابق العلوي يحوي باقي الحجرات الأربعة جميعها للنوم ، و لكل حجرةٍ حمامها الخاص بها .
أرضيّة القصر تتكون من الرخام و المرمر الذي تم استيراده من بلجيكا و إيطاليا ، و الأرضيّة مغطاة بالباركيه و الرخام ، أما ( السرداب ) فكان يضم المطابخ ، و الجراجات و حجرات للخدم .
نوافذ القصر تشكلت على الطراز العربي ، شكلت بدقة بالغة .
إلى جانب هذا كله فقد شيّد برج كبير إلى الجانب الأيسر من القصر ، يتكوّن من أربعةِ طوابق ، يربط فيما بينها سلّمٌ حلزوني الشكل ، تتزين جوانبه الخشبيّةِ بالرخام .
يحوي القصر أيضاً على برجٍ يدور على قاعدةٍ متحركة ، تدور دورةً كاملة كل ساعةٍ بحيث تتيح لمن يجلس هناك مشاهدة كل ما حوله في جميع الإتجاهات .
و المكان المحدد لتناول الشاي للبارون هو الطابق الأخير ، و المفضل للبارون ، يتجه إليه وقت الغروب ، و كانت تحيط بالقصر حديقةٌ غناء ، تحوي زهوراً و نباتاتٍ نادرة ، و يتصل بالقصر نفق يؤدي إلى كنيسة البازيليك العريقة .
المراجع :
- ويكبيديا ، الموسوعة الحرّة .