الغيث هو نزول قطرات الماء من السحب والغيوم في أعالي السماء والغيث يصاحبه الخيرات والبركات وهو رحمة من رب العالمين وعطاء وخير ، وأوّل نزول الغيث قطرة ثم يزداد هطول الغيث ويشتد ليعم الخير الأرض والعباد ، قال الله تعالى ( وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد ) وفي هذه الآية دليل واضح على رحمة الله بعباده وإن انحبس الغيث بسبب ذنوب العباد فسيرحم الله العباد والأرض والدّواب والبهائم وسينشر رحمته بهطول الغيث الذي يحمل بين قطراته الخير والرحمة والحياة .
وكثير من النّاس يعلمون بأنّ نزول الماء من السماء هو المطر وهذه الكلمة متداولة بين عامة الناس إلا أنها لها تفسير آخر وفق ما جاءت عليه في القرآن الكريم فكلمة مطر وردت في كثير من الآيات مصاحبة لغضب الله وعذابه الذي كان يمطر به على الكفار فجاءت كلمة مطر بمعنى العذاب كما في قوله تعالى (أمطرنا عليهم حجارة من سجيل ) وهنا جاء معنى المطر هو نزول العذاب من الله تعالى على الكفار وأرسل عليهم حجارة من سجيل ، وقوله تعالى ( فساء مطر المنذرين ) أي أن الله تعاى يتوعد الكفار بالعذاب ويصفه بالسوء والقبح وهنا إشارة واضحة إلى أن معنى المطر جاء في الكتاب الكريم مرادفاً للعذاب المنزل على الكافرين وهنالك الكثير من الآيات ورد ذكر مطر فيها مصاحباً للعذاب .
أمّا كلمة غيث فقد جاء معناها مصاحبا للخير والرحمة والبركة في القرآن الكريم قال الله تعالى ( ثم ياتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس ) وهذه الآية دليل واضح على فرج الله ورحمته الواسعة بعباده .
يعتبر نزول الغيث من السماء وتكون السحب والغيوم هي معجزة بحد ذاتها وإن توصل إليها العلم وعرفوا كيفيّة نزول الغيت وتشكل السحب والضباب والريح إلا أنها تبقى هذه المعجزة تخفي ورائها الكثير لا يعلمه إلا الله تعالى وهذا دليل واضح على وحدانيته عز وجل .
طريقة تشكل الغيوم :
عند إرتفاع درجة حرارة الهواء بفعل وهج الشمس تتبخر مياه البحار فوق سطح الأرض وترتفع إلى أعلى مشبعة بالرطوبة بفعل الريح وعند الوصول لدرجات حرارة منخفضة تتكاثف هذه الجزيئات محدثة بما يسمى ببخار الماء ، وبفعل الرّطوبة ودرجات الحرارة المتفاوتة والبرودة تتحد هذه الجزيئات مشكلة قطرات من الغيث وإذا كانت على إرتفاعات أعلى فستتجمد وتنزل على شكل حبّات من الثلج .
وتختلف السحب والغيوم في أشكالها وألوانها يعود ذلك لإختلافات درجة الحرارة والبرودة والتفاوت فيما بينها وهنالك الغيوم التراكمية التي تكون جالبة للخير وللغيث الغزير كما قال الله تعالى ( ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً ) ، والمقصود بالغيوم التراكميّة هو تجمع الغيوم فوق بعضها البعض بفضل تكاثف جزيئات بخار الماء والأتربة في الهواء والشحنات الكهربائية في الهواء محدثة هذه الغيوم وعلينا أن لا ننسى فضل الريح في رفع الهواء الساخن لأعلى وتشكل السحب .
ينزل الغيث الخفيف من الغيوم المنخفضة والغيث الغزير من الغيوم المتراكمة التي وصفها الله تعالى في كتابه الكريم كأنّها الجبال وينزل من بينها الغيث وفي الحقيقة نحن كبشر لا نرى السحب كالجبال ولكن أجريت عدة دراسات وتم إلتقاط صور مقطعية للغيوم التراكمية فكانت صورتها كالجبال وصدق قوله تعالى ( وينزل من السماء من جبال فيها من برد ) ، أما تكون البرد والثلج وحدوث ظاهرة البرق والرعد فجميعها ظواهر لا تحدث إلا بالغيوم المرتفعة وعلى درجات حرارة منخفضة .
كما أنّ الوديان ومنحدرات الجبال وتجمع المياه في بقاعها له دور كبير في تكاثف السحب والغيوم ونزول الغيث .
لقد أبدع الخالق في خلقه وإنفرد برحمته وعطائه وإن تأملنا خلق الله ومسبباته سنرى إعجازه العظيم في خلقه ورحمته الواسعة بعباده .