أنعم الله سبحانه وتعالى على البشرية بنعمة الإسلام، وأرسل نبيه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم هادياً ومرشداً للناس أجمعين.ترك هذا النبي الأمي إرثاً لأمته قال فيه :" إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدًا كتاب الله وسنة نبيه".
تسابق علماء الأمه على حفظ كتاب الله وسنة نبيه، لحفظ الدعوة الإسلامية وثوابتها من الضياع، منهم من تخصص في حفظ القرآن الكريم، ومنهم من تخصص في حفظ السنة النبوية، ألا وهي الحديث، وأحد أعظم الصحابة، عرف بأنه رابع من دخل الإسلام، وهو أول من لفظ تحية الإسلام ليحيي بها نبي الله محمد عليه احسن وأفضل الصلاة والسلام، وممن جهروا بإسلامهم قبل هجرة المسلمين من مكة إلى المدينة، إنه أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري الكناني.
اختلفت على اسم أبو ذر الأقاويل، فيقول قائل: جندب، وآخر: برير، وآخر: السكن، لكن الإجماع جاء على جندب. طويل القامة ذو بشرةٍ سمراء نحيف الجسم، ذو لحية خفيفةٍ. كان أبو ذر من الذين لم يعبدوا الأوثان في عصر الجاهلية –أي ما قبل الإسلام-.
أسلم أبو ذر الغفاري وكان رابع المسلمين برسول الله، وأشار له رسول الله بعد أن لقيه بدعوة أهله أيضاً إلى الإسلام لعل الله ينفعه بهم ويأجره بهم، فخرج أبو ذر إلى أهله فلقي أخاه، فدعاه للإسلام فاستجاب، وانطلقا سوياً إلى أمهم، فدعوها إلى الإسلام فاستجابت، هكذا حتى انتهى به الأمر لدعوة أهله جميعا فأسلموا، وكان له ما أراد.
عُرف عن أبي ذر الغفاري صدقه وتواضعه الذي ما كان من رسولنا الكريم إلا أن يحدِّث عنه، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه فيما تواتره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أظلَّت الخضراء ولا أقلًّت الغبراء على ذي لهجةٍ أصدق من أبي ذر، من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر).
وعرف عنه أيضاّ كرمه، فقد أوصى أبو ذر الغفار عبد الله بن الصامت بسبع أمور، أولها حب المساكين، و ثانيها أن ينظر إلى من هم دونه ولا ينظر إلى من هم فوقه، وثالثها أن لا يسأل إلا الله، ورابعها أ، يصل رحمه، وخامسها أن يقول الحق مهما كلفه الأمر، وسادسها ألا يخاف في الله لومة لائم، وسابعها أن يكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فهي من كنز تحت العرش.
وعرف عنه جرأته وشجاعته وحسن تدبيره للأمور، و القدرة على وزن الأفعال، و كان زاهدًا في الدنيا مقبلاً للآخرة. وفيما يختص بروايته للحديث، فكان كما ذكرنا موضع ثقة لكثير من الصحابة ورواة الحديث لصدقه وملازمته للرسول صلى الله عليه وسلم، فروى عنه عمر بن الخطاب وعبد الله بن الصامت وأبو الأسود الدؤلي وآخرون. توفي أبو ذر الغفاري الصحابي الجليل في العام 32 للهجرة.