حول اتفاق اللفظ و اختلاف المعنى
المشترك اللفظي أو اللغوي هو اتفاق اللفظ مع اختلاف المعنى، أي أن تكون كلمة واحدة، ويختلف معناها باختلاف السياق الذي وجدت فيه الكلمة، ومثال ذلك كلمة العين؛ فإذا سمعنا قول جرير: و لمْ أنسَ منْ سعدٍ بقصوانَ مشهداً ** وَبالأُدَمَى ما دامَتِ العَينُ تَطرِفُ فإنّ المقصود بالعين عين الإنسان حاسة البصر التي يرى بها الإنسان،وإذا قرأنا قول الله تعالى: "فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا" عرفنا أن المقصود نبع الماء الذي يصعد من باطن الأرض، وتأتي كلمة العين بمعاني أخرى نحو: الجاسوس، والشريف السيد كبير القوم، والحاضر من كل شيء، وهذا معنى المثل (أصبح أثرا بعد عين)، وتأتي بمعنى ذات الشي، فيقال هو عينه أي هو بنفسه أو بذاته، وتأتي أيضا بمعنى قائد الجيش وطليعة الجيش،وقد تكون بمعنى أهل الدار، وذكرت المعاجم العربية معاني عديدة غير التي سلفت، لا مجال لملاحقتها في هذا السياق. ولعلّ القول المفيد والنافع أنّ معنى الكلمة يتحدد ضمن سياقها، ولا يمكن لنا أن نجزم بمعناها منفردة، فحين نقف على الفعل (قصّ) مثلا قد يسرع الذهن إلى القطع وقص الورق أو القماش، ولكن حين نكمل الجملة فنجدها: (قص الرجل الأثر) يتبدد ذلك المعنى الذي طرأ في الوهلة الأولى ويستقر معنيان آخران وهما : (التتبع والحكي والسرد) على التوالي. وهذا المثال ينجرّ على بقية الأمثلة، فلا يستطيع أحد الجزم بمعنى كلمة طائرة دون سياق، أما إذا رصفت الكلمة مع كلمات وعبارات أخرتنفرد الكلمة بمعنى خاص لها.
وتنتج هذه الظاهرة اللغوية في اللغات لما هى اسباب عدة أهمها
رأي اللغويون في هذه الظاهرة
وقد اختلف اللغويون في ظاهرة المشترك اللفظي، فذهب فريق إلى وجوده وعرض لذلك أمثلة كثيرة، منهم الخليل و سيبويه والأصمعي وابن قتيبة وغيرهم، وهم يرون أن المشترك اللفظي ظاهرة تزيد اللغة ثراء وجمالا وأناقة وسعة، وثمة قسم آخر أنكر وجود المشترك اللفظي، وإن كان المنكرون قلة، ومنهم ابن درستويه، وعدّوه من باب المجاز ولا يخرج إلى ظاهرة مختلفة. وهناك رأي يتوسط هذه الآراء، يؤمن بالمشترك اللفظي إذا ثبت في نصوص تراثية صحيحة، ولم يكن سببه المجاز، ولا يوجد علاقات بين معاني الكلمات، إذ ماهي العلاقة بين الخال (الشامة في الخد) والخال (أخو الأم)، أو الخال (البرق). هذا المثال واضح في عدم وجود علاقة بين الكلمات وعبارات التي اختلف معناها في كل جملة.