لقد منّ الله على الإنسان بالعديد من النعم التي لا يمكن إحصاؤها فسخر الكون كلّه للإنسان وأعطاه كل ما يحتاج من وسائل لتحقيق غاته في الكون وحتى عندما طلب الله عز وجل من الإنسان عبادته فقد يسر له ذلك بأن وضع أمامه طرق ووسائل الخير وأرسل الأنبياء ودلّه على الطريق المستقيم، وجعل له طرق ووسائل الحصول على الحسنات أكثر بكثير من المعاصي وغيره الكثير.
ولذلك وجب على الإنسان شكر الله على الدوام على نعمه الكثيرة ومن المهم معرفة أنّه مهما قام الإنسان بشكر الله على نعمه فإنّ كرم الله يكون أكبر بكثير من أن يستطيع الإنسان شكره عليه في الحياة الدنيا أو ملايين مثلها فكلما شكر الإنسان الله عز وجل زاده من فضله وكرمه وجزاه إحساناً على شكره فبالشكر تدوم النعم وكما يقول الله عز وجل:" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ"، فلذلك يجب على المرء أن يختار احسن وأفضل الطرق ووسائل لشكر الله عز وجل على نعمه وأن يشكره تعالى بما يليق بعطائه عز وجل.
وأول ما يشكر به العبد ربه هو الإيمان التام به تعالى وتأدية الفرائض التي فرضها الله عز وجل عليه باحسن وأفضل ما يمكن وبنية خالصة لوجه وبالابتعاد عن المعاصي التي حرمها الله عز وجل على الإنسان وتجنبها تجنباً تامّاً، أمّا بعد القيام بتأدية الفرائض فيمكن أن يقوم الإنسان بشكر الله عز وجل بتأدية النوافل كقيام الليل والصدقات فعن المغيرة قال:" قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ ، فَقِيلَ لَهُ : غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ، قَالَ : أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا"، وإنّ من احسن وأفضل الأمور أيضاً وأيسرها والتي يمكن للمرء أن يقوم بها المرء لشكر الله هي ذكره تعالى على الدوام وهي من أعظم الطرق ووسائل لشكر الله تعالى على النعم.
ولكن لشكر الله على نعمه لا ينبغي الاقتصار على شكر الله وحده بل يجب بالمقابل شكر الناس أيضاً ففي الحديث:" مَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ"، فالله عز وجل هو الذي سخر لك الناس في حياتك وهو الذي مكنهم من تقدي الخير لك وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجاي الناس على الدوام ويشكرهم فما جزاء المعروف إلا المعروف ويكون شكر الناس بالعديد من الطرق ووسائل وأقلها باللسان بقولك لهذا المرء جزاك الله خيراً أو شكراً أو من مثل ذلك، ومن الواجب أيضاً على العبد أن يحدث بنعم الله عز وجل عليه ولكن من دون الفخر والبذخ فليس القصد بذلك أن تمشي بين الناس متفاخراً بالأموال والأولاد فبهذا أهلك الله بعضاً من الأمم السابقة ولكن يكفي التحدث عن النعم التي أنعم الله عز وجل بها على البشر جميعاً وأن تكون ملابس الإنسان نظيفة جميلة فإنّ الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده لكن من الدون التفاخر والبذخ كما قلنا سابقاً وكل على قدر استطاعته.