رمضان هو شهر مقدس عند عموم المسلمين، لما يحمله من معانٍ و رحمات تفيض علينا بمجرد قدومه، و لا تنحصر هذه الرحمات في جانب واحد فقط و هو جانب العبادة، بل تتجاوزها إلى جوانب أخرى شاملة لكل مجالات الحياة، و من هنا كان لزاماً على جميع المسلمين أن يتجهزوا التجهيز الكامل و أن يعملوا بكامل وسعهم و طاقتهم و بكل ما أوتوه من قوة و جهد حتى يستطيعوا الاستفادة من كل دقيقة من دقائق رمضان المباركة، فهو احسن وأفضل شهر في السنة، تتضاعف فيه الحسنات بشكل يمثل فرصة كبيرة للمسلمين، حتى يغتسلوا من خطاياهم التي لوثتهم بها الحياة، و التي جاءت إليهم بسبب الأطباع البشرية و التي فيها من الدنائة و الخسة و الأطماع و البغض و الحسد ما فيها، فكل أمراض القلوب تجابه فقط بزيادة الإيمان بالله، و بأنه هو الحكيم العليم المدبر الذي يعرف و يعلم ما تحت الأرض و ما فوقها، و يعلم ما يحاك من مؤامرات و كل شر يفعل و من يفعله.
التجهيز لرمضان يكون بوضع جدول الأعمال التي ينوي المسلم أن يؤديها خلال هذا الشهر العظيم، فيجب أن تتنوع أعماله بين صنوف الخير جميعها ، منها بر الوالدين و صلة الرحم و قراءة القرآن و الصلاة و مساعدة المحتاجين و الملهوفين، و التعلم و التأمل في ملكوت الله عز وجل، إضافة إلى الترفع عن السئ من الأخلاق، و حفظ اللسان عن الكلام السئ، و عدم افتعال المشكلات مع الناس و تجنبها أيضاً و تصفية السريرة و تنقيتها، كما يتوجب على الإنسان أن يصل جيرانه و أصدقائه، و الأهم من هذا الإكثار من الدعاء و طلب العفو و المغفرة من الله سبحانه و تعالى، و أن يدخلنا الله الجنة و يبعدنا عن النار، مع الإكثار من التسبيح و التهليل و التكبير لخالق السماوات و الأرض والصلاة على المعلم – صلى الله عليه وسلم - و الدعاء للبشرية جمعاء بشكل عام و الأمة العربية و الإسلامية بشكل خاص، حتى ينقذها الله مما لحق بها من مهانة وصغار، كل هذه الأمور مما يستطيع بل مما يجب على الإنسان أن يفعلها في رمضان، نظراً لأن رمضان فرصة لا تأتي إلا مرة واحدة في السنة و لا يعلم أحد كم سيعيش من مدة و كم سيعمر و هل سيدرك مثل هذه الفرصة الثمينة في السنة القادمة أم لا.