القرآن الكريم هو كلام الله عزّ وجلّ الذي انزله على رسولهِ المصطفى عليه احسن وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم ، وهذا الكلام وصلنا بالتواتر وهوَ كلامٌ مُعجِز ، تحدّى بهِ الإنس والجن إلى قيام الساعة ، وكان هذا التحدّي في أن يأتوا بمثله ، او بسورة آية من مثله ، او بعشر آيات أو بآية واحدة ، ولن يأتوا بمثلهِ ولو تعاونوا جميعاً ليلاً نهاراً وحتّى قيام الساعة ، فهذا الكلام وهذا القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهو الشفاء للمؤمنين وبهِ تطمئنُّ القلوب وتهدأ النفوس وترتاح.
وقد أنزل الله القرآن على سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم بوحيِ مع رسولٍ كريم قويٍ شديد هو جبريل عليه السلام ، وكان أوّل نزول الوحي بالقرآن الكريم في غار حراء ؛ حيث أُنزلت سورة العلق : (( اقرأ باسم ربّك الذي خلَق )) ، فبداية الوحي كانت بالحضّ على العلم والقراءة ، وهذا دليل على انَّ هذهِ الأمّة هي أمّة العلم ، واحسن وأفضل العلوم وأشرفها هيَ علوم القرآن ، وفهم القرآن والصحيح هو الأصل في فهم بقيّة العلوم الشرعيّة ، وهو اللبِنَة الأساسيّة في الانطلاق إلى محاور التعلّم والتفقّه في الدين ، ولفهمِ معاني القرآن الكريم وأسراره فهناك علمٌ قائمٌ بذاتهِ هو علم تفسير القرآن ، فتعرف ما هو تفسير القرآن وتعرف على ما هى أنواعه وطريقة تعلّمه.
تعريف ومعنى تفسير القرآن
تفسير القرآن هو الفهم السليم والتحليل الشرعيّ للآيات والسور الكريمات ضمن سياقٍ يفهمهُ الجميع ، ويكون التفسير باستخدام لغةٍ واضحة وتوضيحٍ للمعنى دون تغييب للمعاني الظاهرة والباطنة في اللفظ القرآني ، ويكون تفسير القرآن بمعرفة أسرار اللغة العربيّة ونواحي البيان فيها ، وتقديم المعنى للآيات متوافقاً مع ما هى اسباب النزل للآيات ، فلا تفسير للقرآن بدون فهم ودراية بما هى اسباب النزول.
وتقوم على تفسير القرآن أصول الشريعة والدّين ، فهوَ المصدر التشريعيّ الأوّل ، وعليهِ أساس الدين ، فإذا أحسنَ المفسّر تفسير القرأن وأتقن فهمهُ كان قادراً على استنباط الأحكام ، وقادراً على تعلّم الفقه وأصول الفقه وقواعده ، وإذا فسّرهُ كما ينبغي فقد سهّل حفظهُ على نفسِهِ وعلى غيرِه ، فلا يستقيم الحفظ بلا فهم ، ومن مُتطلّبات التفسير أن يكون المُفسّر عالماً بتاريخ السيرة النبويّة المُطهّرة ، وأن يكون عالماً بالناسخ والمنسوخ ، وكذلك أن يكون بارعاً قبلَ كلِّ شيء في لغة العرب ، وأن يتقن اللسان العربيّ فهماً ونطقاً ، وعلى المفسّر أيضاً أن يبتغي وجه الله في تفسيره للقرآن ، فإذا أحسن النيّة وصدق في إخلاصه فُتحت لهُ أبواب العلم ويسّرَ الله لهُ التفسير والفهم.