حين شرع الله تعالى الزّواج فإنّما شرعه لتستمرّ تلك العلاقة المقدّسة بين الذّكر والأنثى وفق ضوابطٍ معيّنة وأحكام، فغاية الشّرع هو دوام تلك العلاقة واستمراها وليس الغرض بأن تكون علاقةً عابرةً محدّدة بزمنٍ معيّن، لأجل ذلك حرص الإسلام على وضع الحلول المناسبة لأيّ مشكلةٍ قد تظهر بين الزّوجين من خلال وسائل حكيمة، وإنّ من المشاكل وعيوب التي تظهر بين الزّوجين مشكلة النّشوز، والنّشوز لغةً من نشز أي ترفّع، ويقال أرض ناشز أي مرتفعة، وقد يكون النّشوز من الرّجل وقد يكون من المرأة، والنّشوز شرعًا هو ترفّع الزّوج أو الزّوجة عن أداء ما يفترض عليهم من حقوق الحياة الزّوجية ومخالفة أمر الله تعالى في ذلك.
صور النشوز
إنّ للنّشوز صوراً منها: أن تأبى الزّوجة تلبية دعوة زوجها للفراش، وقد حذّر النّبي صلّى الله عليه وسلّم من هذا الأمر حين قال من دعا امرأته إلى فراشه فأبت لعنتها الملائكة حتّى تصبح، فحقّ الزّوج في هذه المسألة حقٌ أصيل ذلك لأنّ الامتناع عن أداء هذا الحقّ من قبل الزوجة قد يؤدّي إلى آثارٍ نفسيّة على الزّوج حيث يشعر بأنّ رغباته لم تلبّى من زوجته التي يتوقّع منها ذلك، كما قد يكون هذا الامتناع سببًا في انحراف الزّوج بسبب عدم تلبية رغباته.
ومن صور النّشوز من الزّوجة كذلك أن تدخل بيت زوجها من يكره أو أن تخرج من بيتها بغير إذن زوجها، وكثيرٌ من الزّوجات تستهين في هذه المسألة فتراها تخرج من بيتها بغير إذن زوجها وربّما ذهبت إلى الأسواق لتبتاع حاجيّاتها دون أن تخبره بذلك. وكذلك من صور نشوز الزّوجة امتناعها عن طاعة زوجها بالمعروف، وامتناعها عن أداء حقوق زوجها وبيتها من خدمة وتهيئة فراشٍ وثياب وغير ذلك ممّا تعارف عليه النّاس بأنّه من مهام البيت. وكذلك من صور النّشوز من الزّوجة أن تقوم بإيذاء زوجها من خلال شتمه أو ضربه وغير ذلك من صور الإيذاء.
علاج و دواء النشوز
إنّ علاج و دواء مشكلة النّشوز من قبل الزّوجة تكون بالعظة أولًا، ثمّ إذا لم ينفع ذلك قام الزّوج بهجرها في الفراش، فإن لم ينفع ذلك ضربها ضربًا خفيفًا غير مؤذيًا. وإنّ النّشوز موجودٌ عند الرّجل كذلك حيث يترفّع عن زوجته أو يمتنع عن أداء بعض حقوقها، وعلاجه يكون بالموعظة الحسنة؛ حيث تعظ المرأة زوجها وتذكّره بالله تعالى وبحقوقها عليه، فإذا لم تنفع الموعظة بعثت حكمًا بينهما فإذا لم ينفع ذلك كلّه رفعت أمرها إلى القاضي ليحكم بينها وبين زوجها بالطّلاق أو الخلع أو غير ذلك .