أحداث ما قبل هجرة الرَّسول
جاء الأمر الإلهيّ للرَّسول صلى الله عليه وسلم بالهِجرة إلى المدينة بعد تآمر قُريشٍ على قتل الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وهو نائمٌ في فراشه على يد مجموعةٍ من شباب القبائل العربيّة كي يضيع دمه بين القبائل؛ فيعجز بنو عبد منافٍ من الأخذ بالثأر لمقتله، ويقبلون بالدِّية.
لمّا جاء الأمر للرَّسول الكريم خرج من بيته إلى بيت أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه، يُخبره الأمر وأنّه قد أزفت ساعة الهِجرة، ثُمّ بدآ التَّجهيز للرِّحلة براحلتين واستأجرا عبد الله بن أريقط وكان من المشركين ليكون دليلًا لهما في الطَّريق، واتفقا معه على موعد اللِّقاء للانطلاق بعد ثلاث ليالٍ عند جبل ثورٍ.
طلب الرَّسول صلى الله عليه وسلم من عليٍّ رضي الله، أنْ ينام في فراشه ليلة الهجرة؛ كي يظنّ كفار قريش بأنّ النَّبي صلى الله عليه وسلم هو النَّائم في الفِراش.
خروج الرَّسول صلى الله عليه وسلم من بيته
بعد ترك عليٍّ نائماً في الفِراش ورجال قُريشٍ محيطين بالبيت، خرج الرَّسول صلى الله عليه وسلم من بيته بعد أن ذرى تراب الأرض على رؤوس هؤلاء الرِّجال المتربصين به، وكان يتلو قول الله تعالى:" وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَداً، وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَداً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ"؛ فبقدرةٍ من الله لم يروا الرَّسول صلى الله عليه وسلم وهو خارجٌ من بيته، ثُمّ مضى عليه السَّلام صوب بيت أبي بكرٍ، ومن منفذٍ في بيته خرجا مغادرين مكّة حتى وصلا جبل ثورٍ مع بزوغ الفجر.
البقاء في غار ثورٍ
مكث النّبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه في غار ثورٍ ثلاث ليالٍ، وكان عبد الله بن أبي بكرٍ يبيت معهما ويأتيهما بأخبار قُريشٍ، كما كان يأتي إليهما عامر بن فهيرة راعي غنم أبي بكرٍ.
أمّا قريش فبقيت على حالها في التَّربص بالنَّبي صلى الله عليه وسلم خارج بيته منتظرين خروجه للصَّلاة لكنّه لم يخرج، فدخلوا عليه ورأوا عليًّا يقوم في الصَّباح من فراشه. عندما علموا بهجرة النّبي صلى الله عليه وسلم جعلوا جائزةً لمن يأتي بالنّبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ حييّن أو ميتيّن مائة ناقةٍ.
بدؤوا بالبحث عنهما في كُلِّ حدبٍ وصوبٍ، حتى وصلوا إلى باب غار ثورٍ ووقفوا فوقه؛ بحيث لو نظر أحدهم أسفل قدميه لرآهما، لكنّ الله سبحانه وتعالى أعمى أبصارهم كما أعمى قلوبهم.
الطَّريق إلى المدينة
جاء الدَّليل عبد الله بن أريقط اللَّيثيّ بالرَّاحلتيّن إلى جبل ثورٍ في ليلة الاثنين غُرّة ربيعٍ الأول في السَّنة الأولى للهجرة، ومن هذا التَّاريخ ابتدأ تقويمٌ جديدٌ هو التَّقويم الهجريّ واستمرت رحلة الهجرة أسبوعاً كاملاً، فوصل النّبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه قِباء في اليوم الثَّامن من شهر ربيعٍ الأول، ونزل في بيت كلثوم بن الهدم، وقيل: في بيت سعد بن خثيمة، وبقي في قباء أربعة أيام بنى خلالها مسجد قباء وصلى فيه، وفي يوم الجمعة انطلق نحو المدينة؛ فاستقبله أهلها بالأهازيج والترحاب.