يحتاج الإنسان خلال حياته إلى التقرّب من الله عز وجل بشتّى الطّرق التي يراها مناسبة، وذلك من خلال القيام بالطاعات والابتعاد عن المعاصي قدر الإمكان كي يكون سائراً على الصراط المستقيم الذي وضعه الله عز وجل له، ويتقرّب الإنسان إلى الله عز وجل في بادئ الأمر عن طريق الفرائض التي أوجبها الله عليه، حيث يقوم بها على أكمل وجه، كما ويتقرّب إلى الله تعالى بالابتعاد عن المعاصي والمحرّمات الصغيرة والكبيرة قدر استطاعته، أمّا بعد ذلك فيتقرّب المسلم إلى الله تعالى عن طريق السُّنن المختلفة اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يعد القدوة للبشر أجمعين وصاحب رسالة الإسلام.
وسُنن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة ومتعدّدة، وبما أنّ الصلاة هي عمود الدين وهي أول ما يحاسب عليه الإنسان يوم القيامة كانت صلاة القيام هي من احسن وأفضل السُّنن التي باستطاعته التقرُّب بها ومن خلالها إلى الله، وصلاة القيام بدورها هي الصلاة التي يقوم الإنسان بتأديتها في الليل بعد أن ينتهي من أداء الصلوات المفروضة على أكمل وجه، فيصلي العشاء بخشوع ومن ثم يتفرّغ لتأدية صلاة القيام والتي يمكنك أن تصليها من بعد صلاة العشاء حتّى أذان الفجر، فصلاة القيام تعدّ أحد احسن وأفضل الأعمال بالإسلام والتي تحتاج إلى مجاهدةٍ كبيرةٍ للنّفس لكي يقوم بها الإنسان÷ حيث يحتاج أن يبتعد عن فراشه المريح من أجل القيام في اللّيل والناس من حوله نيام، فيقوم الإنسان ليصلي صلاة القيام وحده لا يراه أثناء أدائه لها أحدٌ سوى الله عزّ وجل فيناجيه في ظلمات اللّيل بقلب خاشع ومخلصٍ لله وحده.
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أشدّ الناس حرصاً على أداء صلاة القيام إذ قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: ( كان النبي صلى الله علية وسلم يقوم من الليل حتى تتفطّر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً )، فبهذا الحديث الشريف يتبيّن لنا مدى حرص الرسول عليه صلوات الله وسلامه الكبير جدّاً على أداء صلاة القيام لوحده ومع زوجاته وآل بيته وهو عليه الصلاة والسلام الذي غُفرت ذنوبه، فكان حريصاً على أن يقوم بإيقاظ زوجاته والنّاس وحثّهم على أداء صلاة القيام لما فيها من الأجر العظيم، حيث رُوي أنّه صلى الله عليه وسلم ذهب إلى سيدنا علي وزوجته فاطمة رضي الله عنهما ليتفقدهما ويوصيهما فطرق ووسائل الباب عليهما ليلا فوجدهما نائمين، فقال: ألا تصليان؟!.