جاءت الشريعة الاسلامية رحمةً للعالمين ، وضعت القيود حتى لا يقع المسلمون فى الأخطاء، و المعاصي ،و الآثام،ومن هذه القيود سفر المرأة بدون محرم ، وهناك قاعدة فقهية " الشرع لا يأمر بشيء إلا بما فيه مصلحة عامّة أو خاصّة ، و الشرع لا ينهى عن شيء إلا وبه مفسدة خاصّة أو عامّة " ، فالمحرم هو الزّوج وكل من يحرم عليه الزّواج من المرأة ، بنسب أو رضاعة أو مصاهرة ، و الأصل أن لا تسافر المرأة إلا مع محرم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله أن تسافر من غير ذى محرم " ولهذا الأمر ثلاثة حالات :
الحالة الأولى :أن تسافر من بلد لا تستطيع فيه إظهار دينها الواجب ، أو أن تسافر من بلد الكفر إلى بلد الإسلام ، وفي هذه الحالة لا يشترط للمرأة محرم باتّفاق العلماء جميعاً .
الحالة الثانية :أن تسافر للحج الواجب وهنا اختلف العلماء على قولين : القول الأوّل : المحرم شرط فيها و القول الثاني : المحرم ليس بشرط فيها ، وتقبل حجّتها ولكن تؤثم ، ولكل منهما دليله واستنتاجه ومنهجه .
الحالة الثالثة :أن تسافر المرأة سفر غير واجب كعمرة مستحبّة أو زيارة لأقاربها و والديها، وهنا أيضاً فيه رأيان ، الأوّل : إذا كان السّفر قصيًرا ؛ ذهب بعض العلماء بعدم شرط وجود محرم و البعض الآخر إلى شرط وجود محرم و الثاني، أن يكون السفر طويلاً وللعلماء رأيان : جواز السفر من غير محرم مع شرط الأمن ، وهو أن تأمن المرأة على نفسها و مالها و عتادها وغيره ، و الرأي الاخر عدم جواز سفر المرأة من غير محرم وهو مذهب الجمهور ، ولقد أنعم الله علينا فى هذه الأيّام بتقريب المسافات، وسقوط بند الخوف عبر توفير سبل المواصلات كافّة كالطائرات ، و السيارات ، و القطارات وغيرها فهل تغيّر الأحوال وسهولة السّفر اليوم تعمل على تغيّير الحكم الشرعي فى جواز سفر المرأة بغير محرم ؟ فالعلّة من التحريم صيانة المرأة و المحافظة عليها ، فمتى وقعت العلّة وجب الحكم لذلك لا يجوز سفر المرأة المسلمة بالطائرة أو غيرها إلا بصحبة محرم - كما يرى جمهور العلماء - .
و للمحرم عدّة شروط أهمها :
- أن يكون مسلما فالكافر ليس محرمًا .
- البلوغ، فالصغير لا يكتفى به بأن يكون محرما .
- أن يكون عاقلًأ فالمجنون لا يصلح أن يكون محرما.
يخرج علينا فى هذه الأيّام من يطالب بحريّة المرأة ويرى أن المحرم عبارة عن ثقل على المرأة، و أنّه اتّهامها بالسّوء من غير محلّه وغير ذلك فنقول لهؤلاء بأن المرأة بدون محرم لقمة سهلة للذئاب الإنسانيّة ، و سلعة رخيصة ، و المرأة بدون وليها كالبيت بلا ركن ،و كالمركب بلا ربّان ، فهذا حكم الله و رسوله ، ولا حكم بعد حكم الله ورسوله .