حد الحرابة
من الأمور والمسائل التي اشتملت عليها الشّريعة الإسلاميّة الحدود التي وضعها الله تعالى على من يقترف الجرائم والمعاصي التي نهى الله عنها مثل: شرب الخمر، وقذف المحصنات والزّنا، وقد وضع الله هذه الحدود لحفظ المجتمع الإسلامي من الضّياع كما أنّ بهذه الحدود تستقيم أمور المسلمين، وينتشر الأمن في بلادهم بحيث يأمن الإنسان على نفسه وعرضه وماله ودينه وهذا من مقاصد الشّرع الحكيم في حفظ أولويّات الإنسان في الحياة، وقد أكّد النّبي عليه الصّلاة والسّلام على أهميّة تطبيق الحدود حين قال لحدّ يقام في الأرض خيرٌ لأهلها من أن يمطروا أربعين صباحًا، ومن الحدود التي وضعتها الشّريعة حدّ الحرابة، فتعرف على ما هى الحرابة ؟، وتعرف ما هو حدّها ؟.
يخرج بين الحين والآخر في المجتمع جماعاتٍ وعصاباتٍ تعمل على بثّ الخوف والرّعب في نفوس النّاس من خلال استخدام أساليب جنائيّة مختلفة مثل: السّرقة، والقتل، وهتك العرض، والخطف، والتّهديد، والتّرويع، وحرق الممتلكات، وغير ذلك من الأساليب الإجراميّة، كما يدخل في نطاق الحرابة كلّ قاطع للطّريق يعمل على منع النّاس من التّجوال بأمانٍ وحريّة وبدون خوف في طرقاتهم وأحيائهم.
شروط تطبيق حد الحرابة
إنّ من شروط الحرابة أن تكون في جماعة بحيث يجتمع عددٌ من النّاس الذين تجمعهم صفات الإجرام وهدف الإفساد والإرهاب، كما يشترط للحرابة أن يكون الإنسان المشارك فيها مكلّفًا أي بالغًا عاقلًا، وكذلك أن يحمل فيها السّلاح والقوّة العسكريّة، وكذلك تكلّم العلماء عن مسألة البعد عن العمران فمنهم من رأى أنّ المحارب يكون في خارج المدينة متربّصًا أهلها للقيام بجرائمه ومنهم من يرى بأنّ المحاربة تكون في المدينة وخارجها.
أمّا حدّ الحرابة المقرّر شرعًا والوارد في القرآن الكريم في قوله تعالى:"إنّما جزاء الذي يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدّنيا ولهم في الآخرة عذابٌ عظيم" ، فالآية الكريمة واضحة الدّلالة على حدّ الحرابة ولكنّ العلماء اختلفوا هل يكون الحدّ على التّعيين لكلّ جريمةٍ من الجرائم من قتلٍ أو سرقة وغيرها، أو يكون الإمام مخيّرًا في ذلك، فذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنّه إذا قتل المحارب قتل وإذا قتل، وسرق، قتل، وصلب، وإذا سرق قطعت يده ورجله وإذا كانت بلا قتل أو سرقة، وإنّما إرهاب فقط فينفى من الأرض، بينما رأى أخرون أنّه لا تعيين في ذلك والأمر يعود للحاكم المسلم في تقدير العقوبة المناسبة للمحارب.
