مرض ووفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم
عاد الرسول الكريم من حجة الوداع وبدأ يشعر بصداعٍ في رأسه، فطلب صلوات الله عليه زيارة مقبرة البقيع للدعاء لأصحابه فوقف -صلى الله عليه وسلم- على قبور شهداء غزوة أحد ودعا لهم وقال :"السلام عليكم يا شهداء أحد، أنتم السابقون وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، وإني إن شاء الله بكم لاحق".
اشتدّ الوجع عليه صلّى الله عليه وسلّم حين كان يقيم في بيت زوجته ميمونة -رضي الله عنها-، ومع اشتداد المرض على رسولنا الكريم طلب أن تجتمع زوجاته فاجتمعن -رضي الله عنهن- فاستأذنهنّ بأن يمرض في بيت زوجته عائشة، فبعد سماع إذن زوجاته حاول أن يقف صلّى الله عليه وسلّم على قدميه إلا أنه لم يستطع النهوض، فحمله كلٌّ من علي بن أبي طالب والفضل بن العباس -رضي الله عنهما- إلى حجرة عائشة التي كانت أقرب بيوته للمسجد.
تجمّع المسلمون في المسجد للاطمئنان على صحة النبي الكريم، وعند سماعه صلى الله عليه وسلم لأصوات المسلمين في المسجد طلب أن يذهب إليهم لكنّه لم يستطع النهوض من فراشه إلا بعد أن صبّوا عليه بعض الماء لتخفيف وانقاص الحمّى التي أصابته، وعندما أفاق حُمل إلى المنبر وقال : "أيها الناس كأنكم تخافون علي؟" فقالوا نعم يا رسول الله، فردّ عليهم صلى الله عليه وسلم :"أيها الناس موعدكم معي ليس الدنيا، موعدكم معي عند الحوض".
كان آخر الكلام لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن أوصى بالمحافظة على الصلاة، وبالنساء خيراً؛ فبكى أبو بكر وعلا نحيبه، بعد ذلك توفّي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم، فخرج المسلمون منهم من يكذّب خبر الوفاة، ومنهم من فقد صوابه، ومنهم من أخد مكانه وهو يبكي.
دفن الرسول صلى الله عليه وسلّم
بعد أن أفاق المسلمون من صدمتهم دخلوا إلى بيت نبينا الكريم، فاختلفوا على طريقة غسله واهتدوا إلى غسله فوق ثيابه الطاهرة، وغسلوه فوق ثيابه ليس كباقي الموتى وكُفن. دخل الناس جماعاتٍ وأفرادٍ للصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، كما دخلت النساء بعد الرجال والصبيان بعد النساء وودعوا حبيبهم، وتمّ حفر القبر في المكان نفسه الذي توفّي فيه بناءً على ما سمعه أبو بكر الصديق من نبينا الكريم قبل وفاته.
نزل في قبر الرسول الكرم أهل بيته وهم: علي بن أبي طالب، والفضل بن العباس، وطلب أوس الأنصاري من علي بن أبي طالب أن يأذن له في النزول إلى القبر فأذن له، فنزل إلى القبر معهم فوضعوه صلى الله عليه وسلّم في قبره، وسووا عليه التراب ورفعوا القبر بمقدار شبرٍ عن سطح الأرض؛ ففارق نبينا الأكرم -صلى الله عليه وسلم- الدنيا بجثّته وبقيت رسالته خالدةً ليوم الدين.