الصبر
حثنا ديننا الحنيف على التحلي بالعديد من الصفات التي تهذب النفس، ومن أعظم هذه الصفات هي صفة الصبر، لما لها من أجر عظيم في الدنيا والآخرة، وقد وردت العديد من الأدلة الشريعة سواء في القران الكريم أو السنة النبوية الشريفة، التي تحث على خلق الصبر وتذكر أهميته وفوائده على الإنسان، ويتجلى ذلك في قول الله جل وعلا:" يا أيها الذين أمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين".
تعريف ومعنى الصبر
يعرف الصبر في اللغة على أنه الحبس والكف والمنع والشدة والضم، أي يجب أن يقوم الإنسان بحبس نفسه وإلزامها على ذلك، و الصبر اصطلاحا هو قدرة الإنسان على تحمل المصاعب والابتلاءات على اختلاف أنواعها سواء كانت في الجسد أو في الطاعات أو غيرها من أمور الدنيا الزائلة، والقدرة على ضبط النفس عن القيام بالمعاصي والفواحش ما بطن منها وما ظهر، أي يجب أن يحبس الإنسان نفسه ويضبطها عن فعل أي يعمل يؤدّي إلى غضب الله تعالى عليه، ويكون هذا الابتعاد هدفه الحصول على رضا الله تعالى، وهو من أعظم وأهم الصفات التي يتحلّى بها المؤمن، وقد خصّه الله تعالى بالمدح والثناء على هذا الصبر العظيم، لقوله تعالى:" والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا ممّا رزقهم سر وعلانيّة ويدرءون بالحسنة السيّئة أولئك لهم عقبى الدار"، والإيمان يقسم إلى نصفين أحدهما للصبر والآخر للشكر، وهذا من الأدلّة على عظمة صفة الصبر.
أقسام الصبر
للصبر العديد من الأقسام التي يقوم عليها وهي:
- الصبر على الأوامر والطاعات: ويكون ذلك من خلال معرفة الطريق المستقيم وطريق الحق الذي ينجي الإنسان، فالإيمان الداخليّ بالله تعالى وبكلّ الأوامر والطاعات التي أمر الإنسان بها، تجعل لديه راحة نفسيّة في تقبّل جميع المصاعب والعقبات التي قد تواجهه في حياته، فتذوّق حلاوة الإيمان يجعل من الإنسان إنساناً قوياً وصابراً ومحتسباً عند الله تعالى، وهناك العديد من الطاعات التي فرضها الله تعالى على عباده كالصلاة والصيام والزكاة وغيرها من الطاعات، فعندما يؤدّيها المسلم ويلتزم بها يشعر بحلاوتها وبراحة نفسيّة لم يحصل عليها عند ترك هذه العبادات، ويتجلّى الصبر في العبادات، عند قيام المسلم بفرض الصيام، فهو ينمّي في نفسه الصبر والتحمّل على الجوع والعطش، وبالتالي الصبر والتحمّل على الشدائد والابتلاءات.
- الصبر على المناهي والمخالفات: طبيعة الحياة تحتم على الإنسان السعي في العمل لتوفير جميع احتياجات هذه الحياة، وبذل الجهد من أجل الحصول على الأموال والثروة، وقد حثت التعاليم الإسلامية على القيام بذلك، مع ضرورة أن تكون الطرق ووسائل المتبّعة في كسب الأموال طرق ووسائل مشروعة وغير محرمة، وإيمان الإنسان بأنّ الرزق بيد الله تعالى، يدفعه إلى الصبر والقناعة بما يوجد لديه حتى لو كان قليلاً، فهناك الكثير من البشر الذين يطمعون في هذه الدنيا ويسلكون جميع الطرق ووسائل بغض النظر عن حلالها أو حرامها، بهدف توفير الأموال والحصول عليها، فهم من الأشخاص الذين لا يتحلون بالصبر ويحقّقون رغباتهم بالمخالفات والنواهي.
- الصبر على الأقدار: كلّ شيء في هذه الحياة بيد الله تعالى، ومقدّر ومكتوب للإنسان منذ ولادته، وإيمان الإنسان بهذه الحقيقة تسهل عليه العيش بسلام وراحة في هذه الدنيا، ويتجلّى ذلك عند فقد الإنسان لشخص عزيز عليه، يجب أن يتحلّى بالصبر على ذلك، وتقبّل الأمر بكل راحة وإيمان، وتجنّب التذمّر والشكوى لحدوث ذلك؛ لأنّه يؤدّي إلى خسارة الأجر والثواب، والعيش بحياة تعيسة وكئيبة.