الأسرة
الأُسرة بحسب عِلم الاجتماع وعُرف النَّاس هي اللَّبنة الأساسيّة في بناء أيّ مجتمعٍ منذ الأزل، لذلك أُطلق على الأُسرة اسم نواة المجتمع؛ فهي المركز الرئيسيّ للتَّربية والتَّعليم والتَّهذيب، فبِصلاحها يصلُح سائر المجتمع ويسمو متّصفًا بالأخلاق والفضيلة والقِيم العُليا.
الأُسرة هي النِّتاج الطَّبيعيّ من العلاقة الشَّرعيّة القائمة بين الرَّجل والمرأة، من خلال الرَّابطة الزَّوجيّة التي تتّسم بالمودّة والرَّحمة والسَّكِينة ثُمّ يتمخضّ عن هذه العلاقة الأبناء ذكورًا وإناثًا؛ فتنشِئ الرَّوابطُ الأُسريّة فيما بين أفرادها معتمدةً على العطف والحُبّ والرِّعاية والاهتمام والتَّربية.
بناء الأسرة في الإسلام
جاء الأمر ببناء الأُسرة في الكتاب والسُّنّة للدلالة على عِناية الإسلام بها وتقديره لها؛ فهي الوحدة الأولى في بناء المجتمع المسلم، حيث حثّت الآيات الكريمة على الزَّواج والسَّعي في طلب الصَّالحين من الرِّجال والنِّساء للزَّواج، وجعل الزَّواج سبباً من ما هى اسباب الرِّزق والبركة التي تدفع الفقر وتجلب الخير، كما حثّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- على الموافقة على الزَّواج وجعل أهمّ شرطٍ فيه صلاح الخُلُق والدِّين؛ فهما أساسا بناء الأُسرة السَّعيدة المؤمنة المتماسكة، قال -صلى الله عليه وسلم-:"إذا أتاكم من ترضون خُلُقه ودينه فزوّجوه".
كما حثّ الإسلام على طلب النّسل بالزَّواج والابتعاد عن تحديد النّسل دون سببٍ أو مخافة فقرٍ؛ فالله هو من تكفّل برزق المولود القادم للحياة؛ فالأنبياء -عليهم السَّلام- وهم أصحاب السُّلوك الأمثل قد ارتبطوا بالأُسرة ارتباطًا وثيقًا؛ فطلبوا الولد وربوه وعلموه كما أمر الله تعالى، فهذا زكريا -عليه السَّلام- يقول: (ربِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)، ففي جميع آيات القرآن الكريم توجيهٌ للمسلمين بأنْ يطلبوا من الله طمأنينة الحياة في ظلال الأُسرة ويهب لهم الأبناء البررة؛ لأنّ الأُسرة أصلٌ راسخٌ من أصول الحياة البشريّة، فالطِّفل الذي ينشأ ويترعرع داخل هذه الأُسرة؛ سينشأ رجلاً عظيماً.
دور الأسرة
نظراً لكون الأُسرة هي وحدة الأساس في المجتمع فعلى عاتقها يقع العبء الأكبر في التَّنشئة والتَّربية والتَّهذيب، من خلال:
- تعليم الأبناء المُثل العُليا والقِيم الاجتماعيّة والأعراف والتَّقاليد السَّائدة في المجتمع، كالنَّخوة والمروءة وإغاثة الملهوف ومساعدة المُحتاج.
- غرس القِيم النَّبيلة والعمل على التَّعايش مع جميع أطياف المجتمع على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم الفِكريّة والدِّينيّة والعقائديّة، واعتبار أمن الوطن أولويةً وخطاً أحمر لا يُمكن المساس به.
- محاربة ما يُبث في عقول الأبناء من الأفكار الشَّاذة والهدَّامة عبر وسائل الإعلام أو من قِبل الحاقدين، باحتضانهم ورعايتهم وتوجيههم.
- تعليم الأبناء يجنب المجتمع الفقر والبطالة ويحارب الجريمة والانحراف.