لغات التخاطب
خلق الله تعالى الكائنات الحيّة على سطح الأرض بأنواعٍ وأشكالٍ مختلفة، وجعل لكلٍّ منها لغةً للتخاطُب فيما بينها لا يتعرّف عليها الإنسان، فكما يوجد الكلام والإشارات كنوعٍ من لغة التخاطب من أجل التواصل فيما بين البشر، كذلك هو شأن الكائِنات الحية الأخرى، فالله تعالى كيَّفها على وسائِل معينة متفق عليها فيما بينها، من أجل سهولة التواصل مما يسّهل نمط الحياة عليها، وقد ظهرت هذه اللغات في القرآن الكريم عندما فهِم سيدنا سليمان لغة النملة التي حذّرت قومها من جنود سليمان للاختباء لكي لا يحطّموهم من دون أن يعلموا، وقد شَكَر سيدنا سليمان الله عز وجل على نعمة قدرته فهم لغات الكائنات الحية الأخرى.
وتُعتبر مملكة النحل من الممالك المنظّمة والمستقرة، والتي تُعتبر أنموذجاً رائِعاً للعمل والتعاون فيما بينها، فكل نحلةٍ في الخلية مسؤولةٌ عن عملٍ معيَّن تقوم به، ولكن كيف يمكن لهذا العدد الهائِل من النحلات أن تتواصَل معاً وتفهم بعضها للمحافظة على الخليّة كاملةً بالصورة السليمة؟
وسائل التخاطب عند النحل
لقد كان الاعتقاد القديم بأنَّ لغة التخاطب بين النحلات هو الرَّقص فقط، ولكن كثَّف العلماء دراستهم لسلوك النحل عن قرب لمعرفة تفاصيل حياتهم بشكلٍ أكبر، فتم اكتشاف وسيلتين جديدتين عند النحل للتواصل فيما بينهم، وسنأتي على ذِكر هذه الوسائِل بالتفصيل.
الرقص
تؤدّي النحلة رقصاتٍ مختلفة لإيصال معلوماتٍ مختلفةٍ لبقية النحلات، فمثلاً ترقص النحلة رقصة دائريّة عندما تجد الغذاء على مسافةٍ لا تتعدى 50 متراً عن الخلية، حيث إنّها ترقص بشكلٍ دائري باتجاه اليمين أو الشمال فوق أقراص الخليّة، كما أنّها ترقص بشكل اهتزازي عندما يكون الغِذاء يقع على بعد أكثر من 50 متراً وأقل من 100 متر.
إفراز المواد الكيميائية
تفرز النحلات مواد كيميائية خاصةً للدلالة على معلوماتٍ معيّنة، فمثلاً عندما تفرز الملكة الفرمون الخاص بها تفهم النحلات العاملات والذكور أنّه يجب تنظيم العمل داخل الخليّة، ويجب إتمام عمليّة التزاوج، بينما تصدِر النحلات العاملات اللواتي يبحثن عن الرحيق مادة كيميائية على الأزهار الموجود فيها الرحيق لتدلّل النحلات العاملات الأخريات على مكان وجود الرحيق.
إصدار الأصوات
لقد تمّ اكتشاف لغة إصدار الأصوات بين فئةٍ قليلةٍ من النحلات للتواصل فيما بينها، حيث لوحِظ أنَّ الملكات الصغيرات اللواتي خرجن من البيوت الملكيّة حديثاً يلجأن إلى إصدار أصوات خاصة فيما بينها يشبه صفير البط، وهذه الأصوات تنظِّم عمليّة التطريد.
ولا بدّ من التنويه إلى أنَّ هناك طرق ووسائل اتصالٍ أخرى للتخاطب فيما بين أفراد النحل، وما زالت البحوث جارية للتعرّف عليها.