ربط الله سبحانه و تعالى بين أداء الأعمال و العبادات و النية القلبية عند أدائها ، و قد بين النبي صلى الله عليه و سلم ذلك بقوله إنما الأعمال بالنيات ، و لكل امرء ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى ما هاجر إليه ، و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ، فالنية هي الشعور و الميل و التوجه القلبي اتجاه هدف معين ، و الذي يتكون و يتشكل في قلب الإنسان و يجعله يؤدي الأعمال و الأقوال المختلفة اتجاه هذا الهدف أو الغاية ، فالمجاهد الذي يخرج لقتال الأعداء فيبذل الغالي و النفيس ، و يراق دمه ، لا يستحق لقب الشهادة حتى تكون نيته في عمله و جهاده لله تعالى و في سبيل رفع راية الدين و إعلاء كلمة الله ، و نصرة المسلمين ، و قد بين النبي عليه الصلاة و السلام تلك المسألة حين سؤل عمن يقاتل حمية أو شجاعة ، فبين أن من كانت نيته و هدفه الله ، و من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله .
و لا شك بأن الصلاة و هي الركن الثاني من أركان الإسلام و عمود الدين تحتاج من المسلم إخلاص النية لله عز وجل حين يقف أمام ربه ، و قد حذر النبي عليه الصلاة و السلام من الشرك الخفي الذي هو أخفى في الأمة من دبيب النمل ، و من صور هذا الشرك الخفي أن يقوم الرجل في عبادته ليراه غيره ، و قد تكلم العلماء في بطلان صلاة من يصلي رياء ، و ذهاب أجرها ، و يلحقه الإثم كذلك لأنه توجه بقلبه و عبادته إلى غير وجه الله سبحانه ، و على من يقوم بهذا الفعل الاستغفار لله سبحانه و الإنابة إليه ، و إخلاص النية عند أداء العبادات بدون رياء أو سمعة .
و إن المسلم هو قدوة في أفعاله و أقواله كلها ، فهو يتوجه لله سبحانه و يخلص النية له متمثلا قوله تعالى ( قل إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين ، لا شريك له ، و بذلك أمرت ، و أنا أول المسلمين ) .